ان العرب لم يتفقوا يوماً واحداً على مشروع يخدم قضيتهم المركزية، أو تتوحد جهودهم كما اتفقوا على عدم تجنيس اللاجئين أو توطينهم، أم منحهم حقوقاً، ليبقوا لاجئين، ويطلبوا لهم المساعدات من وكالات غوث وتشغيل اللاجئين. فالجامعة العربية أصدرت القرار الرقم 1547، عام 1959، الذي طالب بحفظ الهوية الفلسطينية. وجاء القرار قبل أن تنشأ منظمة التحرير، واستمر العمل به خوفاً من أن تقوى شوكتهم، وليس خشية من أن تذوب هويتهم. الغريب في الأمر ان أهم المسؤولين في المنظمات الفلسطينية يحملون الجنسيات المختلفة، هم وعائلاتهم. ونسوا أنه إذا كان الهدف هو حفظ الهوية فلماذا غيروا هوياتهم؟ ولماذا لم يطالبوا في القرار المذكور آنفاً بأن تعطى كل التسهيلات للاجئين مع بقاء الهوية كرمز؟ واحتفظوا بمخيمات ترفض الحيوانات الأليفة العيش فيها. وأصبح شعار هذا اللاجئ "كوفية وخيمة". فكيف يطور صاحب هذا الشعار ذاته من العدم، وهناك قانون طبيعي يقول: "لماذا لا تفنى ولا تنشأ من العدم"، وفي ظل عدم وجود امكانات؟ ويأمل في العودة ويتساءل: هل بقرارات الأمم المتحدة؟ أم بمبادرات السلام؟ أم بمن يسومونهم سوء العذاب؟ أم بمن يمنون عليهم الاستضافة في مخيمات ليبقى بكوفية وخيمة فقط؟ هذا اللاجئ يبحث عن حقوق الإنسان فلا يجدها، وحتى الممثل الشرعي والوحيد لهذا الشعب بدأ يتخلى عنه، ولا يعرف منه إلا دفع الرسوم والتعويضات والتبرعات، والتعاون مع دول شقيقة لعدم تجديد وثيقة السفر إلا بخطاب من سفارته موجه لقنصلية الدولة بالإيعاز بالتجديد، بعد أخذ الأتاوة والرسوم، مع ختم الوثيقة بختم لاجئ رسمي أي لا يحمل جواز سفر السلطة أو هوية مواطنة. وهذه الوثيقة لا تخول صاحبها دخول الدولة التي أصدرتها، وبها لا يستطيع دخول الأراضي المحتلة، لأن اسرائيل هي التي تتحكم في المعابر والحدود. وطالما ان اسرائيل سعت منذ البداية الى طمس حق اللاجئين في العودة، فكيف لهذا الشعب المغلوب على أمره أن يرفض هذه المشاريع، أو يصر على تمسكه بحقه في العودة؟ وبعض الدول العربية تحظر تنقل الفلسطينيين أو العمل في بعض المهن. بل أنهم معزولون في مخيمات، لا يخرجون من المخيم إلا بتصريح، ولا يدخلون إلا بتصريح، وكأنهم في ثكنة شبه عسكرية، أو محمية محاطة بأسلاك شائكة حفاظاً على من بداخلها من الانقراض. لأن هذه "الهوية" يجب ألا تنقرض، لأننا نحتاجها في المسلسلات "العربية". فالعرب أمة لا تدرس تاريخها بل تتفرج عليه! فهل تستحق الأمة حملة "أيام الندم" طالما اسرائيل، عفواً أميركا هي الخصم والحكم؟ الرياض - مصطفى الغريب [email protected]