تعهد الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، أمس السبت، بأن يجعل فرنسا"شريكاً تجارياً طبيعياً"للصين، وسط سلسلة من الصفقات التجارية التي تم توقيعها بين البلدين استهدفت تهدئة المخاوف من التهديد الذي يمثّله واحد من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، على حد قول محلّلين. وبعدما توقف في شنغدو، عاصمة اقليم سيشوان الجنوبي، وصل شيراك إلى بكين لاجراء محادثات يتوقع أن يتصدرها حظر تجاري وعلى الأسلحة مفروض على الصين يعود تاريخه إلى عام 1989 بعد مجزرة"ميدان السلام السماوي"في بكين. وذكرت"وكالة أنباء الصين الجديدة"شينخوا ان الرئيس الصيني هو جين تاو"اجتمع مع شيراك وجلسا لاجراء محادثات في قاعة الشعب الكبرى"على طرف"ميدان السلام السماوي"، بعدما أقيمت مراسم استقبال رسمي للرئيس الفرنسي في الميدان. وقال شيراك في كلمة بعد اجتماع عقده مع زنغ تشينغ هونغ، نائب الرئيس الصيني:"على أولئك الذين يسألون في أوروبا وفرنسا عن النتائج المترتبة على صعود الاقتصاد الصيني.. أقول إن تطور الصين فرصة لنمونا ولفرص العمل عندنا. وعلى فرنسا أن تغتنم هذه الفرصة". وأضاف:"كذلك، فإنه بمواصلة فتح أسواق جديدة ومعرفة كيفية اغتنام الفرص المتاحة لاقتصادنا، سنسرع في ايجاد وظائف في فرنسا وسندحر البطالة لفترة طويلة". وذكرت"شينخوا"ان زنغ أبلغ شيراك في شنغدو ان التعاون السياسي"الوثيق"بين البلدين سيدفع العلاقات الثنائية التجارية والثقافية والتكنولوجية والتعليمية. وأشار مراقبون إلى انه من الواضح ان"تقوية العلاقات الاقتصادية"تتصدر جدول أعمال الرئيس الفرنسي في زيارته الرسمية التي تستمر خمسة أيام. ويرافقه في الزيارة وفد كبير من رجال الأعمال يضم رئيس شركة"الكتريسيتي دو فرانس"او دي اف، أكبر منتج للطاقة النووية في العالم، ورئيس شركة"اريفا"المنتِجة للمفاعلات النووية. من جهتها، أعلنت شركة"الستوم"الفرنسية للصناعات الهندسية الثقيلة، أمس، انها ستتقدم مع شركة"دونغفانغ الكتريك"مقرها شنغدو بعرض مشترك لتزويد المرحلة الثانية لمحطة لينجاو النووية، التي يجري العمل على تشييدها حالياً في إقليم غواندونغ الجنوبي، بمولد طاقة توربيني. إضافة إلى ذلك، ذكرت شركة توزيع النفط الصينية المملوكة للدولة انها أقامت مشروعاً مشتركاً تبلغ كلفته 900 مليون يوان 109 ملايين دولار مع شركة"توتال"الفرنسية العملاقة، لإقامة محطات للبنزين في شمال الصين. كما تكهنت وسائل اعلام صينية ان الصين ستشتري 900 ألف طن من القمح الفرنسي وعشر طائرات"ايرباص اي 380". وغالباً ما يتزامن ابرام الصين مثل هذه الصفقات الكبيرة مع زيارات زعماء أجانب. إلا انه لم يتسن التأكد من صحة هذه التقارير من مصادر مستقلة. وأكّد شيراك ان"رجال الصناعة والباحثين النوويين الفرنسيين مستعدون للدخول في شراكة صناعية وعلمية حقيقية مع الصين قائمة على نقل التكنولوجيا وإقامة مشاريع مشتركة". وتعزيزاً للشراكة، كان شيراك أعلن ان عام 2004 هو"عام الصين"، وأضاء"برج ايفل"بالضوء الأحمر اثناء زيارة في كانون الثاني يناير 2004. كما أقام احتفالات مترفة بالسنة الصينية الجديدة في الشانزليزيه. 11 مفاعلاً نووياً ويوجد لدى الصين المتعطشة للطاقة 11 مفاعلاً نووياً قائماً أو مخططاً لبنائها. ومن الشركات الموردة لها شركتا"فراماتوم"و"او دي اف"الفرنسيتان. وأعدت بكين، التي تواجه نقصاً حاداً في الطاقة، خطة أولية لزيادة قدرتها على انتاج الطاقة الكهربائية إلى أربعة أضعاف قدرتها الحالية، إلى أكثر من 32 ألف ميغاوات في الفترة بين 2005 و2020. وشيّدت الصين ثمانية مفاعلات نووية خلال العقدين الماضيين. وقال شيراك، أول من أمس الجمعة، ان"لا معنى"لحظر دولي على بيع الأسلحة للصين، مشيراً إلى ان الاتحاد الاوروبي قد يرفع الحظر السنة المقبلة، على رغم اعتراضات الولاياتالمتحدة. وانتقدت جماعة لمراقبة حقوق الانسان في الصين تتخذ من نيويورك مقراً لها تصريحات شيراك هذه وقالت انها"إهانة لكثيرين في الشعب الصيني ما زالوا يطالبون بمحاسبة المسؤولين عن أحداث ميدان السلام السماوي". وعلى الصعيد التجاري، قال شيراك أمس انه واثق من بيع طائرات"ايرباص"في السوق الصينية. كما انه روّج لقطار"تي جي في"السريع الذي تُنتجه"الستوم". وأضاف ان الصين في حاجة لتشجيع"المنافسة النزيهة"واحترام حقوق الملكية الفكرية. وكان من المقرر أن يجتمع مع الرئيس الصيني في بكين مساء أمس، قبل أن يطير إلى شنغهاي، غداً الاثنين، ثم إلى هونغ كونغ في اليوم التالي.