تتسبب محدودية مشاركة المرأة في القوة العاملة "بخسائر" عالية على صعيدي الاقتصاد والأسرة في الامارات. وتظهر الدراسات التي استند اليها "البنك الدولي" في اصداره الأخير حول "النوع الاجتماعي والتنمية في شمال افريقيا والشرق الأوسط"، الذي نشر خلال اجتماعاته في دبي العام الفائت، أن "رفع نسبة مشاركة المرأة في العمل بما يتناسب ومستوى تعليمها وتقسيمها العمري كفيل برفع معدل دخل الأسرة نحو 25 في المئة، بما يوصل الى الطبقة الوسطى". ولو حصل الأمر في السابق، لسجّل نمو الناتج الداخلي الاجمالي للفرد نسبة أعلى ب7،0 نقطة خلال التسعينات من القرن المنصرم. في احصاءاتها، توضح وزارة التخطيط أن "الاماراتية أخذت دورها من خلال إتاحة فرص التعليم والتدريب في العديد من المجالات بما فيها ممارسة العمل الاداري والفني بكفاية واقتدار". فيما يؤكد الدستور الاتحادي لدولة الامارات على حقوق المرأة وتحقيق المزيد من المنجزات الاقتصادية. وخلال المسيرة التنموية، أصبح للاماراتية موقع مميز في التعليم والعمل، وارتفعت نسبة مساهمتها في قوة العمل المواطنة من 9،5 في المئة في العام 1985، الى 13 في المئة في العام 1995، والى 4،22 في المئة في العام 2000. وفي قطاع الحكومة الاتحادية، تساهم ب1،20 في المئة عن العام 2001 وفي الحكومات المحلية يصل وجودها الى 5،19 في المئة، وفي القطاع العام 6،18 في المئة، وفي المنشآت الخاصة 2،12 في المئة من اجمالي القوة العاملة المواطنة للعام 2001. شجعني زوجي ومن حكايات اماراتيات عاملات، نستنتج اصرارهن على العمل والارتقاء والاستقلالية التي تنطلق من الرواتب. باشرت فاطمة السري المسؤولة الاعلامية في جمعية النهضة النسائية في دبي العمل في العام 1979، وكانت في المرحلة الاعدادية تتعاون مع الصحف المحلية. وبعد حصولها على بكالوريوس في الاعلام من جامعة الامارات، عينت في الجمعية كمنسقة ثقافية ثم اعلامية. "كانت مسيرة شاقة في بدايتها بحكم العادات والتقاليد التي لم تنظر ايجابياً الى الوجوه النسائية في الاعلام بخاصة انني كتبت باسمي الحقيقي لا المستعار"، تقول. ومع الأيام قلّت الصعاب عندما تفهم المجتمع دور المرأة كعنصر مكمل للرجل، بدعم الشيخ زايد آل نهيان رئيس الدولة وحرمه الشيخة فاطمة بنت مبارك. ودخلت الاماراتية الى سوق العمل خطوة خطوة من دون استعجال. وفي موازاة ذلك، وقف أزواج يحفزون زوجاتهم. وتقول السري: "شجعني زوجي على اكمال التعليم والعمل بصبره ودعمه. وهو اليوم يدعوني الى اتمام دراساتي العليا في مجال التاريخ حتى أنه اصطحبني الى دول خارجية لاقف على أحوال الجامعات، ويرافقني أحياناً في رحلاتي وفي المؤتمرات والندوات. وسبقه أهلي في عدم التحجج بالعادات والتقاليد لنهيي عن العمل". وتسلط السري الضوء على منجزات الاماراتية في التنمية المجتمعية والقضاء على الأمية والتوعية بأشكالها كلها وانشاء التجمعات النسائية والأندية. وترفض القول إن العمل يؤخر سنّ الزواج "لأن للمسألة مسببات أخرى". الرجال والنساء سواسية في مجال عملها تلاحظ سكينة عبد الله التميمي، رئيسة قسم العمليات المصرفية في احد مصارف دبي، أن "الرجال والنساء سواسية ولا تفرقة بين الجنسين في المهمات أو المناصب. تريد المرأة اثبات جدارتها فتعطي أكثر من الرجل وهي في الأصل كائن معطاء ومضح ويتوخى الدقة". وفي الاجمال راحت الاماراتية ترتقي في الوظائف المستجدة عليها، اذ أظهرت اهليتها العالية وانتزعت احترام الادارات والجمهور. قبل عشر سنوات، تقول التميمي، "كان زبون المصرف يتجه الى الموظف ظناً منه أن البنت قاصرة في المعرفة وصار اليوم يبحث عنها لأنها الأكفأ. أما نغمة العادات والتقاليد، فلم تعد تعلو حتى في مدن الأطراف أو تتحكم بحركة الفتيات اللواتي يطلب اليهن أهلهن العمل. والغاية اكتساب الخبرة الحياتية اللازمة والقدرة على التأقلم مع التكنولوجيا، الى جانب الرافد المادي والنظرة الاجتماعية المقدرة للمرأة العاملة". وتشعر التميمي بالحرية الاقتصادية مع مهنتها، اضافة الى الاستقرار الذهني وامكان تلبية متطلباتها الخاصة واحتياجات أبنائها. وتتوقع أن ينعكس نجاحها العملي على أبنائها فتزداد عندهم قيمة العمل. وتخبر أمل النعيمي كيف بدأت عملها مبكراً وتشتغل اليوم محررة في جريدة "الاتحاد". وقف زوجها الى جانبها حين اضطرت الى تقسيم الوقت بين مهنة شاقة وخمس فتيات. اعتكفت في المنزل لمدة ثماني سنوات ثم عاودت نشاطها من دون أن تتوقف عن التعلم للحصول على الشهادة الجامعية. وما زالت الى الآن تدعم اقتصادات الأسرة واستقلاليتها الشخصية.