في ضوء ما يجرى في العراق، بخصوص الرفض الذي يعبر عن نفسه في مواقف كثير من القوى السياسية العراقية، وكذلك الدول الاقليمية، وخصوصاً دول الجوار، ازاء أي مشروع يجيز اقامة دولة كوردية في العراق، أو خارجه، الاعتقاد ان العراق سوف يشهد انفراجاً واستقراراً، بعيد يالمنال. فالتطورات الأخيرة في العراق، على خلفية حوادث مدينة كركوك، وعلى ضوء التراجعات التي سجلتها مواقف بعض القوى الرئيسية من مسألة الفيديرالية للكورد، جعلت القيادات الكوردية في موقف لا تحسد عليه. فمعظم اعضاء مجلس الحكم الانتقالي بدأوا، في الأيام الأخيرة، يتجنبون الحديث عن الفيديرالية الكوردية، ويستعيضون عنه، تحت ضغوط اسئلة الصحافيين، بالحديث عن احتمال تبني الفيديرالية الادارية على أساس محافظاتالعراق الثماني عشرة. الأميركيون، من جانبهم، ليسوا بصدد تحمل تبعات الرفض العربي العراقي والاقليمي، ولا مساعدة حلفائهم الكورد من أجل شكل الفيديرالية التي يطالبون بها. فتركوا هذه القضية للعراقيين لحلها، بعد تسليمهم السلطة في الثلاثين من حزيران يونيو المقبل. دول الجوار العراقي لم تقف مكتوفة الأيدي إزاء الضغوطات التي تمارسها القيادات الكوردية، سواء في أروقة مجلس الحكم الانتقالي، أو على الأميركيين، من أجل تبني الفيديرالية الكوردية. فسارعت الى تجاوز خلافاتها، ومناقشة سبل مواجهة الخطر الكوردي. فزيارة الرئيس السوري بشار الأسد المفاجئة الى تركيا جاءت لتعكس الرفض الاقليمي لأي مساعٍ، أكانت عراقية أو أميركية، لإقامة فيديرالية كوردية في العراق، لأنها سوف تسبب بروز حال من عدم الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، كما ادعت. على ضوء المواقف من مسألة الفيديرالية الكوردية، ما الذي ينوي الكورد عمله لتحقيق حلمهم في حكم منطقتهم بأنفسهم؟ والاجابة تحمل في طياتها جملة من السيناريوات أو الافتراضات المشروعة. لعل أهمها، في الوقت الراهن، هي بعض الأصوات التي بدأت تتعالى، وتطالب القيادة الكوردية، باتخاذ موقف حاسم. فتبادر الى اعلان الفيديرالية الجغرافية الكوردية من جانب واحد، وتشكيل الحكومة، أو الادارة الكوردية الموحدة، لإقليم كوردستان العراق، واعلان ضم مدينة كركوك، وبقية المدن والقصبات الكوردية المتنازعة الى الفيديرالية الكوردية الجديدة، ووضع العراقيين والأميركيين والجوار العراقي أمام الأمر الواقع. وقبل هذه الخطوة، يطلب من الأعضاء الكورد في مجلس الحكم الانتقالي الانسحاب من المجلس، أو تعليق عضويتهم الى حين استيضاح الأمور. أما السيناريوات الأخرى التي تملك فرصة النجاح فهي سعي القيادة الكوردية، في حال رفض المشروع الفيديرالي الكوردي، الى تعطيل ونقل السيادة والسلطة الى العراقيين، ومد أمد الاحتلال، واثارة القلاقل والمشكلات لدول الجوار عبر دعم الفصائل والقوى الكوردية الأخرى، في سورية وتركيا، لكي تعم الفوضى، وعدم الاستقرار في المنطقة برمتها. وعندها ستكتسب المسألة الكوردية بعداً دولياً أعظم، وتمتلك من الأوراق ما يكفي للتفاوض. وأخيراً وليس آخراً السيناريو الثالث هو قبول القيادة الكوردية بالوضع الراهن، المتمثل في الحفاظ على الحكم الذاتي في محافظات دهوك والسليمانية وأربيل الكوردية، أي بقاء الوضع الكوردي كما هو عليه، لا مطلقاً ولا معلقاً كما يقولون، الى أن يحين الفرج. بلجيكا - زيور العمر كاتب كوردي مقيم