دخلت الأزمة السياسية في إيران منعطفاً جديداً أمس، مع تهديد "جمعية علماء الدين المقاتلين"، التي ينتمي اليها الرئيس محمد خاتمي، بمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة، في حال عدم تراجع مجلس صيانة الدستور المحافظ عن طعنه في أهلية مئات المرشحين الاصلاحيين. وجاء هذا التطور في وقت يستعد النواب الاصلاحيون الى اتخاذ خطوات تصعيدية، إذ ابلغوا الرئيس الايراني انهم في صدد درس خيارات من بينها الاستقالات الجماعية من البرلمان، ما لم تظهر بوادر حل لأزمة الترشيحات بحلول نهاية الاسبوع الجاري. وأبلغت مصادر اصلاحية وأخرى محافظة "الحياة" ان المشكلة لم تجد حلاً الى الآن، نظراً الى خلافات جدية في وجهات النظر داخل مجلس صيانة الدستور الذي يدين بالولاء لمرشد الجمهورية علي خامنئي. وأوضحت المصادر ان بعض اعضاء المجلس مستعد للتجاوب مع دعوة خامنئي الى العودة عن رفض ترشيحات كثير من الاصلاحيين، بمن فيهم النواب الحاليون الذين طاولت الطعون في أهليتهم نحو ثمانين منهم. وفي المقابل، تمسك متشددون داخل المجلس بوجهة نظرهم القائلة ان وصول هؤلاء المرشحين الى الندوة النيابية "لا يصب في مصلحة النظام". وما عزز تلك المعلومات هو ان موقف "جمعية علماء الدين المقاتلين" جاء بعد اجتماع مهم عقده خاتمي ورئيس البرلمان مهدي كروبي مع مجلس صيانه الدستور، اثر طلب خامنئي من المجلس اعادة النظر في الترشيحات ب"رحابة صدر أكبر"، معتبراً أن النواب الحاليين يتمتعون بالأهلية إلا في حالات استثنائية. وتكمن أهمية موقف "جمعية علماء الدين المقاتلين" روحانيون مبارز في انها تعتبر رمز الاعتدال في التيار الاصلاحي، إذ ينتمي اليها خاتمي ويتولى كروبي أمانتها العامة. وأصدرت الجمعية بياناً أكدت فيه "إذا لم تتخذ اجراءات عاجلة لتسوية المشكلة الحالية التي تمنع الترشيح الحر لمختلف التيارات السياسية القانونية، فليس هناك سبب لمشاركتنا في الانتخابات" المقررة في 20 شباط فبراير المقبل. واتخذت الجمعية هذا القرار خلال اجتماع شارك فيه جميع أعضائها، خصوصاً خاتمي وكروبي. يذكر ان الجمعية تشكلت عام 1988 من عدد من رجال الدين الذين انشقوا عن "جمعية العلماء المجاهدين" المحافظة. وأكد كروبي، على اثر الاجتماع، أن "معظم الاشخاص الذين رفضت ترشيحاتهم بحجة اخلالهم بالاحترام الواجب للإسلام، هم اشخاص معروفون ومعاقو حرب وأفراد في عائلات شهداء، وعلى رغم ذلك هم متهمون اليوم بعدم احترام الاسلام". وبدأ مجلس صيانة الدستور اعتباراً من السبت الماضي، درس ملفات المرشحين المرفوضين. ونقل التلفزيون الإيراني عن محمد جهرومي الناطق باسم اللجنة المركزية لمراقبة الانتخابات ان 3600 شكوى قدمت، وان مجلس صيانة الدستور اقر عدداً من الترشيحات كانت اللجان رفضتها، من دون ان يحدد عددها. ويخشى النواب الاصلاحيون الذين رفضوا دعوة من خاتمي الى انهاء اعتصامهم، من ان عامل مرور الوقت ليس في مصلحتهم، في ظل مماطلة مجلس صيانة الدستور في البت سريعاً بأمر الترشيحات، ذلك ان الانتخابات ستجرى في العشرين من الشهر المقبل، ولن تكون لدى المرشحين الاصلاحيين الفرصة الكاملة لتنظيم حملاتهم الانتخابية اذا ظلت الأمور معلقة.