انطلقت أمس فعاليات منتدى جدة الاقتصادي الخامس برعاية أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز في فندق "الهيلتون" في جدة بحضور أكثر من 1500 شخصية محلية واقليمية ودولية. ويتزايد حجم المشاركة في المنتدى سنوياً نظراً إلى أهميته، اذ اصبح الحدث الاقتصادي الأهم والمحرك الرئيس للمبادرات والاستراتيجيات الاقتصادية في المنطقة ونقطة جذب لكبار السياسيين والاقتصاديين والاكاديميين من انحاء العالم كافة. قسمت أعمال منتدى جدة الاقتصادي وفقاً لجدول أعمال المنتدى الى ثلاثة محاور، محلية واقليمية ودولية، يشارك فيها 60 متحدثاً من 12 دولة. وتدور فكرة المنتدى هذه السنة حول كيفية تحقيق نمو اقتصادي متسارع في إيجاد وظائف وتحسين مستوى دخل الفرد من خلال تفعيل وتطوير القطاع الخاص. وتستمر فعاليات المنتدى ثلاثة أيام، في ظل مشاركة كبيرة لشخصيات دولية بارزة في مقدمهم الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون، رئيس المكسيك السابق ايرنستو زيديلو، رئيس وزراء جمهورية تركيا رجب طيب اوردغان، رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ورئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد، اضافة إلى مشاركة الملكة رانيا العبدالله حرم العاهل الاردني عبدالله الثاني بن الحسين. وقال وزير التجارة والصناعة السعودي الدكتور هاشم يماني في كلمته في المنتدى ان تصريحات الامير عبدالله بين عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني التي أدلى بها اخيراً تؤكد ان المملكة تسير وفق برنامج قوي للإصلاح منذ سنوات عدة. ولفت الوزير إلى ان عملية تسريع آليات اتخاذ القرار والإسراع في تنفيذ ما تم اتخاذه وإيجاد آلية لوضع أولويات لهذه الأمور هي ما يجب ان يتم انجازه لتحقيق انطلاقة جديدة في النمو والتنمية. وشدد على أهمية ايجاد بنية جيدة للاستثمار الخارجي والداخلي، لأنه عن طريق الاستثمار يتم التأثير في معدلات النمو الاقتصادي. وافاد ان جهود المملكة للانضمام إلى منظمة التجارة الدولية تسير بخطوات حثيثة وان هناك عدداً من الاجتماعات التي تعقد في هذا الصدد بين السعودية وبعض الدول وانه يتبقى اربع دول للانتهاء من المفاوضات الثنائية من ضمنها الولاياتالمتحدة الأميركية، مشيراً إلى ان الاجتماع المقبل مع الممثل التجاري الأميركي روبرت زوليك سيكون خلال الشهر المقبل. وافاد ان اجتماعات عدة جرت بين البلدين لتقريب الفجوة وتضييقها حتى يمكن حلها، نافياً ان يكون هناك تاريخ محدد لانضمام السعودية إلى منظمة التجارة. واعلن ان جميع دول العالم تؤيد انضمام المملكة للمنظمة بما فيها الولاياتالمتحدة التي تؤكد وترغب في اكمال المفاوضات. واعتبر وزير التخطيط والاقتصاد السعودي الدكتور خالد القصيبي، في ورقة العمل التي قدمها في الجلسة الثانية من أعمال المنتدى أمس، ان التحدي الذي يواجه الاقتصاد السعودي في الظروف الراهنة يتمثل في استحداث الآليات التي يمكن من خلالها الانتقال بالسياسات التي تتخذها الحكومة إلى حيز التطبيق. وأعرب عن تفاؤله بأن القطاع الخاص السعودي مؤهل للعب دور أكبر في الحياة الاقتصادية خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً في ظل التشجيع الحكومي. وقال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة جدة إبراهيم الجميح ان المنتدى في هذه السنة استحدث آليات جديدة تمثلت في التركيز على الاقتصاد الوطني من خلال استقاء الخبرات العالمية. وأضاف ان ضيوف المنتدى تم اختيارهم بتمحيص وعناية، مشيراً إلى ان مساهمات سيدات الأعمال تعد اضافة جديدة لدورهن المتنامي في الاقتصاد الوطني. واعتبر الأمين العام لغرفة جدة سعود بن عون الله ان المنتدى يمثل أهمية خاصة من حيث التوقيت والاجندة والمداولات التي يتطلع إليها مجتمع المال والأعمال، اضافة إلى دعم التوجه العالمي نحو تحقيق مصالح اقتصادية واجتماعية لجميع الأمم تعزز التفاعل الاقليمي والدولي. وبدأت جلسات المنتدى في وقت مبكر من صباح أمس. وأكدت في الجلسة الأولى سيدة الأعمال السعودية الرئيس التنفيذي ل"شركة العليان للتمويل" لبنى سليمان العليان في كلمتها ان البطالة أهم المشاكل التي تواجه السعودية نظراً إلى العامل الديموغرافي السكاني ومتوسط افراد العائلة. وقالت إن البطالة تزداد سنوياً ولم تظهر بوادر حل، مشددة على انه لا بد من استحداث وظائف جديدة توازي النمو السكاني، مشيرة الى "ان المملكة شجعت التصنيع ووفرت البنية التحتية اللازمة لقيام صناعات حديثة". وأكدت ضرورة تجاوز عقلية التفكير الداعية إلى ان الدولة هي الراعية لظهور جملة من المتغيرات التي تستوجب تكاتف الجميع لتحقيق النمو المتسارع للاقتصاد السعودي. واستعرضت العليان جملة من التحديات التي تواجه مسيرة النمو المتسارع من حيث التأخير في إصدار القوانين وضرورة تطبيق الانظمة بشفافية وتقديم الحوافز للتدريب والتوظيف، لافتة إلى ضرورة مساعدة صغار التجار من قبل الشركات الكبرى. وتطرقت إلى أهمية ان تضطلع المناهج التعليمية بدورها في تلبية الحاجات وأهمية تبني نظام "الجدارة" في نظام العمل من دون اعتبارات أخرى وإتاحة الفرصة للسيدات لدعم مسيرة الاقتصاد الوطني. وقالت مستشارة التخطيط في "ارامكو السعودية" ثريا العريض ان مشاركة المرأة في شؤون المجتمع بات ضرورة، موضحة ان هناك من يخلط بين الدين والعادات والتقاليد وهو ما يولد المعوقات أمام المرأة. وكشفت الدكتورة ناهد طاهر خبيرة الاقتصاد السعودي في "البنك الاهلي التجاري" ان ماقيمته 15 بليون ريال هي قيمة الودائع النسائية المجمدة داخل البنوك السعودية، في حين تبلغ هذه الودائع خارج المملكة 700 بليون ريال. وأفادت ان 20 في المئة من اصول الصناديق الاستثمارية تعود ملكيتها لسيدات، مشيرة إلى ان هناك تخوفاً من نظام الوكيل، ما جعل هؤلاء السيدات يتجهن إلى سوق الأسهم أو الاستثمار من خلال صناديق الاستثمار المتوافرة للسيدات داخل البنوك السعودية. إلى ذلك، وعلى رغم حجم المشاركة الكبيرة والتنظيم الجيد ووجود شخصيات عالمية لها ثقل دولي، اضافة إلى المشاركة غير المسبوقة واللافتة للنظر للسيدات اللواتي تجاوزت اعدادهن ال500 سيدة، الا ان كل ذلك لم ينقذه من النقد الإيجابي من بعض المدعوين والحضور. وقالت سيدة الاعمال السعودية حصة العون رئيسة مجلس إدارة "شركة البداية" ل"الحياة": ان القائمين على المنتدى يصرون على اعتماد اللغة الانكليزية كلغة رسمية للمنتدى في بلد مثل السعودية لغته الأصلية العربية، اضافة إلى عدم استخدام العملة النقدية السعودية في تحديد الرسوم واعتماد الدولار الأميركي بدلاً عنها. وزادت ان شعار المنتدى يبدو انه "لا للغة العربية ولا للريال السعودي"، مشيرة إلى انها مدعوة للحضور لكونها عضوة في مجلس صاحبات الاعمال في غرفة تجارة جدة لكنها تقول مثل هذا الكلام من منطلق الغيرة على اللغة العربية والعملة السعودية. وتركز جلسات عمل المنتدى في يومه الثاني على الشؤون الاقليمية، وسيلقي رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري كلمة عن "الحالة اللبنانية: كيفية إعادة بناء اقتصاد"، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اوردغان عن "تركيا: بناء قوة اقتصادية"، ثم يتحدث رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد عن وصفة ماليزية للنمو ورؤية حتى سنة 2020. وستلقي الملكة رانيا العبدالله حرم العاهل الاردني عبدالله الثاني كلمة في الجلسة الخاصة بمناقشة القضايا الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط عن "دور القطاع الخاص في المسؤولية الاجتماعية عن التنمية والازدهار الاقتصادي".