لا يزال صغار المتداولين في سوق الاسهم السعودية، سواء كانوا مستثمرين او مضاربين، يعتمدون على الحظ وتتبع الاشاعات وخطى كبار المستثمرين عند اتخاذ قرارات البيع والشراء. ويشعر معظمهم ان السوق تفتقد الشفافية حتى على مستوى كشف تفاصيل نظام التداول الذي لا يعرف اسراره الا المحترفون و"الكبار". يعتقد العديد في السعودية ان طرح جزء من اسهم "الاتصالات السعودية" للاكتتاب العام واستغلاله في الزام المكتتبين بافتتاح حسابات مصرفية للتدوال زاد من الوعي الاستثماري في البلاد وادخل لسوق الاسهم السعودية متعاملين جدد ممن باعوا او اشتروا اسهم "الاتصالات". ويتوقع المراقبون ان يزيد كل اكتتاب جديد يطرح في البلاد، على رغم ندرة هذه الاكتتابات، الوعي وعدد المتداولين قياساً لما حدث في "الاتصالات". الا انه وفقاً للمستثمر المتفرغ في السوق ماجد الفارس: "يعطى البعض دروساً جديدة يتعلمونها من المقالب التي يقعون فيها". ويستشهد المتداولون بحادثتين متقاربتين في السوق، الاولى، كما يقول الفارس، هي رفض وزارة التجارة السعودية السماح ل"شركة جرير للتسويق" بطرح اسهمها للاكتتاب العام والزمتها الطرح المباشر في السوق للتداول. ويضيف انه عند طرح السهم في اليوم الاول لم يتم عليه اي تداول عند سعر 310 ريالات وقيل ان الاسباب "فنية"، ثم في اليوم الثاني ارتفع بكامل النسبة المسموح بها وهي 10 في المئة وصولاً الى 341 ريالاً ولم تنفذ الا صفقات محدودة جداً، وفي اليوم الثالث ارتفع ايضاً بالنسبة القصوى وصولاً الى 375 ريالاً ليبدأ التدوال عليه بارقام ثابته لعدد الاسهم والجميع يحاول الحصول على بعض منه الدولار يساوي 3.75 ريال. ويشرح الفارس ما حدث من خلال العمليات التي تمت، ويقول ان معظمها تم عن طريق اوامر البيع والشراء المشروطة المعروفة باسم ALL OR NONE وهي الاوامر التي تسمح بعرض اسهم معينة وبقيمة معينة ولا يتم التنفيذ الا للكمية كاملة ولمشتر واحد، وهو امر يسمح بارتفاع سعر السهم من دون وجود تداول حقيقي بل فقط مجرد تدوير على الشاشات لا يفقه الكثيرون اسراره "وهكذا اشترى العديد من المضاربين الصغار السهم فوق حاجز 380 ريالاً ظناً منهم انه في صعود مستمر وان الطلب عليه يفوق التوقعات لكنه في الحقيقه بقي عند هذا السعر وعلى ذلك يمكن القياس حول اي سهم". ويطالب من جهته المستثمر سعود الرمال في حديث ل"الحياة" الوسطاء في قاعات البنوك واصحاب الشركات ومسؤولي التداول في مؤسسة النقد العربي السعودي بشرح كامل وواف لهذه الاوامر للداخلين الجدد الى السوق، مشيراً الى ان مؤسسة النقد عند اطلاق برنامج "تداول" قامت بحملة اعلامية توعية الا انها كانت الوحيدة ولم تتكرر. ويتهم المتداولون الصغار السوق بقلة الشفافية واستمرار استفادة شرائح معينة من المستثمرين بمعلومات خاصة. ويؤكد الرمال هنا ان التداول على الشركات الزراعية، وهو الحادثة الثانية في السوق خلال اقل من شهر، انتعش قبل صدور قرار الحكومة باعادة شراء القمح من الشركاء مباشرة بأيام عدة، وشهدت السوق قفزات سعرية لثلاث شركات منها "وهذا يدل على تسرب معلومات حولها حتى لو لم تكن دقيقة او واضحة". ووفقاً لمصدر متخصص في الاسهم في احد المصارف المشتركة في الرياض فإنه يصعب الحد من تلاعب الكبار او تدويرهم لاسهم معينة بغية رفع اسعارها أو خفضها. ويقول المصدر ان المتداولين الصغار هم من يتسببون لأنفسهم في الخسائر لانهم يتبعون الاشاعات اكثر من تتبعهم للحقائق، كما انهم "يتبعون الكبار في كل خطواتهم ويعطونهم المجال للتحكم والسيطرة في السوق". ولا تخفي الاوساط الاستثمارية في السعودية تفاؤلها حيال النظام الجديد لسوق المال، على اعتبار انه سيحقق اعلى درجات الشفافية "الممكنة" وسيكون لهيئته استقلاليتها التامة، ويدور الحديث في الاوساط المصرفية عن اشراف مؤسسة النقد ومسؤولي "تداول" على ملف الهيئة وسوق المال في مرحلة اعداده الاولية بحكم توافر الخبرات والقدرات الفنية والبشرية. ومن المتوقع ان تشهد السوق السعودية للاسهم اقبالاً كبيراً خلال السنة الجديدة لوجود بعض الاكتتابات الجديدة، لعل اهمها الاكتتاب في اسهم المصرف الحادي عشر في البلاد الذي سيتشكل من اندماج شركات ومؤسسات الصرافة غير مرخص لها في كيان مصرفي كبير يخضع لاشراف مؤسسة النقد العربي السعودي.