رأى المعلق البارز في صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية سيفر بلوتسكر ان الاستطلاع الذي نشرته الصحيفة أمس ودلت نتائجه على تراجع شعبية رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون على نحو غير مسبوق منذ تسلمه منصبه قبل ثلاثة أعوام، لا بد ان تبعث على قلق جدي لدى شارون وهو يقرأ ان نسبة الاسرائيليين الذين نزعوا ثقتهم عنه تجاوزت 50 في المئة. من جهته، توقع دان مرغليت في صحيفة "معاريف" ان يضطر شارون الى الاستقالة العام الجاري على خلفية شبهات ضلوعه في قضايا فساد ورشوى، فيما توقعت معلقة في الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس" ان تتحول فضيحة رجل الأعمال القريب من شارون، ديفيد ابل الى "فضيحة شارون المجلجلة". وأظهر استطلاع "يديعوت احرونوت" هبوطاً حاداً في شعبية شارون في أوساط الاسرائيليين، خصوصاً عدم ثقتهم به، اذ قال 56 في المئة من المستجوبين ان رئيس الحكومة الاسرائيلية "غير ذي صدقية"، بينما رأى 41 في المئة فقط انه ذو صدقية. وتؤكد هذه الأرقام انهيار الثقة بشارون في غضون شهور قليلة بعدما رأى فيه 64 في المئة، في تموز يوليو الماضي، رئيس حكومة ذا صدقية وتراجعت النسبة في تشرين الثاني نوفمبر الماضي الى 53 في المئة. وعزا بلوتسكر هذا "التحول الحاد والخيبة" الى عدم ثبات مواقف شارون السياسية ولا مبالاته بالأوضاع الاجتماعية وعدم وضوح سياسته الاقتصادية وظل الفضائح المالية الذي يرافقه "والأهم ان الاسرائيليين سئموا ما اعتبروه سابقاً دهاء شارون ليتضح لهم ان قيادته عقيمة لا رجاء منها". وتابع ان الاسرائيليين يمقتون الجمود، بل باتوا يخشون ثمن هذا الجمود، منذ الانتفاضة الحالية "وكلما تبين لهم ان شارون لا يختلف عن رئيس الحكومة السابق اسحق شامير الذي لم يفعل شيئاً، كلما تراجعت شعبيته". وتناول الاستطلاع رأي الاسرائيليين في ضلوع شارون في قضية تمويل معركته الانتخابية ليقول 46 في المئة منهم ان عليه ان يستقيل من منصبه، علماً ان 33 في المئة فقط ابدوا هذا الرأي في استطلاع العام الماضي. ويعتقد 67 في المئة من الاسرائيليين ان شارون عرف وكان متورطاً في التفاصيل المتعلقة بجمع أموال لمعركته الانتخابية عام 1999 بشكل مناف للقانون ولا يصدقون ادعاءه انه لم يكن على علم بها. وشغلت قضية تمويل المعركة الانتخابية الملاحق السياسية لصحف أمس واستهل أحد أبرز كتبة الأعمدة، في "معاريف" دان مرغليت مقاله الاسبوعي بالجزم ان شارون سيعتزل الحياة السياسية العام الجاري ليس لأنه سيقدم الى المحاكمة أو يدان "انما لأنه لن يكون قادراً على مواصلة مهماته، وهو يرى ان لا أحد في اسرائيل يصدق كلامه". وتابع ان شارون يخطئ اذا اعتقد حقاً ان "الكلاب تنبح والقافلة تسير"، مضيفاً ان الجمهور سئم صمت رئيس الحكومة ولا يصدق انه لم يكن يعلم بما يحيكه نجلاه غلعاد وعومري في الصفقات المشبوهة: "عنوان آخر وصمت آخر وسيزول الكابوس... حسناً يفعل شارون لو أقدم على الاستقالة واستراح في مزرعته... ولايته كرئيس حكومة تشارف على نهايتها والأجدر به ان يستعجل مغادرة مكتب رئيس الحكومة ليتفادى المهانة". واضاف المعلق ان شارون أخفق في "تشخيص الأزمات" وتردد في مواجهتها ولم يحسم أمره في القضايا السياسية كافة لأنه لم يحسن قراءة المستجدات "تماماً كما لم يحسن فهم تورطه الشخصي في قضايا الفساد". وترى حانا كيم في "هآرتس" ان لائحة الاتهام التي ستقدم الى محكمة اسرائيلية الاسبوع الجاري ضد رجل الاعمال أبل في "قضية الجزيرة اليونانية" ستحمل معها مفاجآت كبيرة بالنسبة الى شارون وستفجر ردود فعل واسعة اكبر بكثير من تلك التي أحدثها كشف مستشار شارون السابق ديفيد سبكتور مطلع الاسبوع عن تورط شارون في قضية تمويل معركته الانتخابية: "هنا ستكون العاصفة الحقيقية وعلى شارون ان يكون قلقاً للغاية". وطبقاً للاستطلاع في "يديعوت احرونوت" فإن المستفيد الأول من "أزمة شارون" هو وزير المال رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو "الذي سيقطف الثمار كلها"، اذ تبين انه يتقدم على سائر المنافسين على زعامة "ليكود" بفارق كبير بعدما اعلن 43 في المئة من مصوتي ليكود دعمهم له في مقابل 21 في المئة لوزير الدفاع شاؤول موفاز. واظهر الاستطلاع ايضاً ان نتانياهو يحظى بتأييد 27 في المئة من عموم الاسرائيليين ليخلف شارون ثم يليه موفاز ب15 في المئة. الى ذلك، تناول الاستطلاع مواقف الاسرائيليين من قضايا سياسية اخرى، وتبين ان تشدد الاسرائيليين منها ما زال على حاله، اذ أيد 49 في المئة قيام اسرائيل باخلاء مستوطنات وانسحاب احادي الجانب الى حدود تقرها بنفسها في مقابل 44 في المئة يعارضون ذلك. وأيدت غالبية من 44 في المئة الابقاء على المسار الحالي للجدار الفاصل الذي تقيمه اسرائيل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، فيما قال 38 في المئة انه يجب ترسيمه بمحاذاة "الخط الأخضر" على رغم قناعة 52 في المئة ان المسار الحالي يضع صعوبات امام مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، بينما رأى 43 في المئة عكس ذلك. وقال 68 في المئة من المستطلعين انهم يعارضون انسحاباً اسرائيلياً من الجولان السوري المحتل "مقابل سلام كامل مع سورية"، وايد ذلك 27 في المئة فقط، ورأى 55 في المئة انه يتوجب على اسرائيل ان تشترط تجديد المفاوضات مع سورية ب"قمع الارهاب" من لبنان وسورية، في مقابل 40 في المئة قالوا انه لا يتوجب اشتراط مثل هذا الأمر. ولم يخف 42 في المئة قلقهم من ان يؤدي تردي الأوضاع الاقتصادية الى شملهم ضمن فئة الفقراء والمعوزين، بينما أعرب 44 في المئة عن عدم قلقهم من احتمال كهذا، وقال 14 في المئة انهم محسوبون على فئة الفقراء.