حرص الزعيمان الإيرانيان محمد خاتمي ومرشد الجمهورية علي خامنئي أمس، على إشاعة أجواء تسوية للأزمة السياسية الناجمة عن قرار المجلس الدستوري المحافظ إقصاء مئات المرشحين الإصلاحيين عن الانتخابات المقبلة. لكن النواب الإصلاحيين بدوا غير متجاوبين مع مشروع التسوية وأصروا على المضي قدماً في تحركهم. ودعا خامنئي المجلس الدستوري إلى إعادة دراسة ملفات المرشحين "بشكل أقل صرامة"، فيما أبلغ خاتمي أنصاره أنه اتفق مع مرشد الجمهورية على تسوية، ودعاهم إلى إنهاء اعتصامهم داخل البرلمان. ونقل التلفزيون الإيراني عن خامنئي قوله في اجتماع مع أعضاء مجلس صيانة الدستور: "توجد وسائل قانونية ولدى المجلس وقت كاف لإعادة النظر في الحالات بعناية، لتفادي انتهاك حقوق أي أحد". وبدا خامنئي متساهلاً حيال النواب في البرلمان الحالي الذين رفضت ترشيحاتهم، إذ خاطب أعضاء المجلس الدستوري قائلاً: "في ما يتعلق بأولئك الأشخاص النواب، وبما أن أهليتهم ثبتت في الماضي، فإن المبدأ يقول إنهم يملكون الأهلية الآن، إلا في حال ثبت العكس". وفي المقابل، قرر الإصلاحيون التصعيد، إذ أعلن محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس وزعيم "جبهة المشاركة" الإصلاحية أن النواب المعتصمين لم يحصلوا على أي ضمانات تدفعهم إلى التجاوب مع دعوة شقيقه إلى إنهاء اعتصامهم، فيما لوحت أوساط محافظة بالعودة إلى التشدد في حال أصر النواب على موقفهم و"لو استدعى ذلك إعلان حال طوارئ في البلاد". وعلمت "الحياة" أن الرئيس الإيراني خاض مع أنصاره النواب في نقاش حاد لإقناعهم بالتسوية، وجوبه بمعارضة قوية، ما استدعى عقد جلسة ثانية في ساعة متأخرة ليلاً، للبحث في مصير الاعتصام، أكد بعدها النواب عزمهم على مواصلة تحركهم وبدء إضراب عن الطعام اعتباراً من السبت المقبل. وأبلغت مصادر إصلاحية "الحياة" أن التسوية كان مقرراً أن تبدأ بمحادثات يجريها الرئيس خاتمي ورئيس البرلمان مهدي كروبي مع المجلس الدستوري لإبلاغه اعتراضات النواب، على أن يقوم المجلس على الأثر، بالنظر في شكاوى المرشحين المستبعدين. وأكد كروبي أنه سيتم الاحتكام إلى خامنئي إذا لم تتحقق النتائج المطلوبة، فيما أعرب الرئيس الإيراني عن أسفه للظلم الذي تعرّض له النواب، عشية الموعد المقرر لمناقشة البرلمان الخطة الرابعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. غير أن النائب محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس، قال إن النواب الإصلاحيين "لم يتلقوا أي ضمانة لتلبية الحد الأدنى من مطالبهم"، مؤكداً "مواصلة التحرك، طالما أن المفاوضات لم تأت بنتيجة". كذلك أدلى عدد من النواب بتصريحات أكدوا فيها رفضهم الاحتكام إلى أي جهة غير الشعب، معتبرين أن البرلمان وصي على نفسه، ما لم يرتكب مخالفات تؤدي إلى انتهاك الأسس التي تقوم عليها الجمهورية الإسلامية. وأكد النواب المعتصمون في بيان أنهم سيقدمون استقالتهم بشكل تدريجي "ضماناً للمصالح الوطنية ودفاعاً عن حقوق الشعب". وقالت النائبة سهيلا جلودارزاده إن المعتصمين في البرلمان لا ينوون إثارة الفوضي بل يريدون طرح المشاكل الرئيسية في المجتمع . وأضافت: "أشعر وكأن كل ما بذلته من جهود لتفعيل دور المرأة في المجلس سيذهب سدى".