لم تحل النتيجة الأولية لقراءة الصندوق الأسود لطائرة كوتونو المنكوبة، والتي أظهرت ان تحطمها أسبابه تشغيلية وليست فنية، اي بسبب زيادة عدد الركاب والحمولة، من دون تواصل التحقيقات القضائية في بيروت لتحديد مسؤولية الناقل الى بيروت وما اذا كان هناك خطأ ارتكبه موظفون في الطيران المدني اللبناني في تطبيق شروط الطيران. وفي هذا الوقت طاول السجال الدائر داخلياً رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي رد على رئيس مجلس ادارة صحيفة "النهار" الزميل جبران تويني على خلفية طرح الثاني أسئلة عن علاقة بري ومقربين منه بتشغيل الطائرة. وكشف بري خلال ردّه ان أحد مالكي الطائرة كان يتعامل مع قائد "جيش لبنان الجنوبي" سابقاً انطوان لحد. وكان الخبير اللبناني في شؤون سلامة الطيران المدني حاتم ذبيان الذي عاد مساء امس الى بيروت من باريس حيث اطلع على نتيجة فك رموز الصندوق الأسود، استدعي بواسطة دورية من المباحث المركزية الى قصر العدل للاستماع اليه ومطابقة معلوماته مع معلومات موجودة داخل الملف القضائي، خصوصاً أن ذبيان رئيس مصلحة في الطيران المدني وقام بدور سابق - كما أفادت مصادر قضائية - يتعلق بالسماح للطائرة بالهبوط والإقلاع ولديه معلومات عنها. وكان التقرير الأولي للجنة التحقيق التي شكلت في بنين أظهر ان الأسباب تشغيلية وليست فنية. وقال وزير الاشغال العامة والنقل اللبناني نجيب ميقاتي ان هذه النتيجة جاءت بعد قراءة أولية للصندوق الأسود الأول، لافتاً الى ان الخبير ذبيان سيطلعه اليوم على التفاصيل. وأوضح ان المقصود بالأعطال التشغيلية "ان هناك خطأ يتعلق بعدد الركاب إضافة الى وجود حمولة زائدة". وتوقع ميقاتي ان يتسلم لبنان في غضون أيام التقرير النهائي للصندوق الأسود. وقال ان لجنة التحقيق ستزور لبنان لأخذ إفادات الناجين لإتمام كل التحقيق قبل وضع ختم التقرير. ولفت الى ان الوزارة "على اتصال بالنيابة العامة التمييزية وتزوّدها بكل الوثائق وأعتقد ان الأمور أصبحت واضحة جداً لديها". وكان المدير العام للطيران المدني حمدي شوق قصد، أمس، قصر العدل وزوّد القضاء بمستندات. وذكرت مصادر قضائية ان القضاء سيستدعي اليوم رئيس مصلحة النقل الجوّي عبداللطيف عبداللطيف ورئيس مصلحة الاستثمار الجوي أنطوان الحلو لاجراء مقابلة بينهما وبين شوق، وسيستدعى رئيس مكتب سفريات في المطار علي درويش كان يتقاضى مئة دولار عن كل رحلة، وكان حصل من مدير فرع شركة بريطانية في الشارقة عماد سابا على عمولة بقيمة 8800 دولار مقابل تأجير الطائرة لشركة يو تي آي. كما سيستدعى عيد جشي الذي كان يفاوض المسؤولين في المطار على إصلاح الطائرة فيه عندما رفضتها السلطات اللبنانية. وفي اطار السجال الداخلي، نفى الرئيس بري أي علاقة لأي قريب منه بطائرة كوتونو المنكوبة وتقدّم بشكوى علنية أمام نقابتي الصحافة والمحررين في حق الزميل تويني، طالباً من النقابتين اتخاذ الاجراءات حفاظاً على كرامة الصحافة ورئيس المجلس. وقال بري في مؤتمر صحافي مفاجئ ان المؤتمر "ليس بسبب كرامتي فحسب بل للحفاظ على كرامة الصحافة... ولم يسجل في يوم من الأيام انني تقدّمت بدعوى على صحافي أو على جريدة لا كمحام، ولا كوزير ولا كرئيس مجلس... هناك مجلة في لبنان ومنذ أكثر من سنة تهاجمني لأنها فشلت في انتخابات رياضية، وهناك محطة تلفزيونية لا أدري أيضاً لماذا تهاجمني، ولم أشأ استخدام وسائل إعلامية معينة ولو لردّ الهجوم. وسبق أيضاً لابن صاحب جريدة محترمة جداً أقرأها وأستفيد منها يومياً، هي جريدة "النهار" ان قال في الثمانينات ان نبيه بري يمتلك 16 محطة بنزين في أميركا وقلنا له يومها: البنزين لنا والمحطات لك. أضاف: "كنت أعرف أيضاً انني سأتعرّض خلال العام 2004 لهجومات مختلفة وبكل أنواع الأسلحة لماذا؟ لأن العام 2004 وما أدراك بال2004، المطلوب ألا يحاسب أحد، وألا يكون أحد عنده شفافية. حتى بدءاً بأقرب الناس إليه، لم أتصوّر ان يصل التطاول... الى درجة المؤامرة". ورأى ان ما صدر أمس في افتتاحية جبران تويني "معطوفاً على ما كان ورد في بعض المجلات وعلى ما ورد في بعض محطات التلفزة يطلع نبيه بري في آخر هذا الزمان مالك طائرات، يا ريت له حصص في الطائرات، ويذهبون أكثر من ذلك، انه يتعامل مع ليبيا، والناس الذين كانوا يتعاملون معها دائماً والذين كنا نحذرهم منها أصبحوا الآن يتهمون، وقالوا انه حتى السادس من شباط فبراير مثلاً مولت بأموال ليبية، لكن ما ورد اليوم في افتتاحية التويني ان أحد القريبين مني له علاقة بالطائرة، أتمنّى على النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم، ان يعطينا من هو القريب لنا والذي أصبح عنده طائرات ولا نعرفه". وأضاف: "يقول ان حركة "أمل" ونبيه بري في هذه الحال متعاقدة مع طيارين ليبيين، ربما ندله على طريق مصير الإمام موسى الصدر أيضاً. وهذا الكلام أخطر، لا سيما اذا علم ان أحد مالكي الطائرة الذي هرب أو الذي هُرّب كما يقول جبران تويني غادر لبنان مطارداً من حركة "أمل" لأنه كان يتعامل مع لحد. فحركة "أمل" هي التي طاردته بعد مقتل رئيسه المدعو حيدر الدايخ، عيب، عيب". وتوجه بري الى "الاستاذ غسان تويني والد جبران الذي أقدّر وأحترم، كلمة واحدة وهو مثل عامي يقول: الكاسب والوارث لا يعرف للشيء قيمة انتبه على جريدتك". وفيما ذكر النقيب البعلبكي بأنه يحظّر قانوناً على أي صحيفة ان تنشر اي شيء عن التحقيق ما دام لم ينته. قال النقيب كرم: "حقوقك ستصلك يا دولة الرئيس". وكان عدد من أهالي ضحايا الطائرة عقدوا اجتماعاً وشكلوا لجنة متابعة لقضية الطائرة وكشف مصير المفقودين ومتابعة وصول الجثث ودفع التعويضات اللازمة لذوي الضحايا. وطالب المجتمعون الدولة ب"تحمّل مسؤولياتها تجاه مواطنيها ورعاياها ومواصلة التحقيقات القضائية في الخارج". وحمّلوا مشغّلي الطائرة "كل الالتزامات الشخصية والمادية والمعنوية والتبعات الجزائية للحادث". وشددوا على ضرورة "الكشف عن أسماء مالكي الشركة وجنسية الطائرة وكل المستندات المتعلقة بها". ورأى وزير الثقافة غازي العريضي "ان مسؤولية الكارثة هي على السلطات الغينية والبنينية وقائد الطائرة وصاحب الشركة، فالمؤكد ان الطيار حاول الاقلاع مرتين ولم يفلح فلا يجوز ان نغفل هذه المسؤوليات". لافتاً الى التناقض في المعلومات في لبنان يدعو الى تحقيق سريع ودقيق وكشف كل الملابسات والوقائع،ولفت الى محاولة لتصفية بعض الحسابات السياسية على حساب ارواح الضحايا".