"الفرج" بالنسبة الى الاقتصاد العراقي ربما يأتي من روسيا. فقد قررت الادارة الاميركية الاستعانة في وضع برنامج لاعادة اعمار العراق بواحد من ابرز ابطال عملية "الاصلاح" التي ادت الى انهيار الاقتصاد الروسي وفتحت المجال لنهب ثروات البلاد. واعلن في موسكو امس ان ايغور غايدار الذي شغل مناصب حكومية عدة وتولى الملف الاقتصادي في روسيا خلال المرحلة التي تلت مباشرة انهيار الاتحاد السوفياتي، تلقى دعوة رسمية الاسبوع الماضي من الادارة الاميركية لزيارة العراق واجراء دراسة ميدانية من اجل اعداد برنامج اصلاح اقتصادي. وجاء الاعلان عن ذلك خلال المؤتمر السنوي لحزب "اتحاد قوى اليمين" الليبرالي الموالي للغرب الذي يعد غايدار رئيسه المناوب، وذكر ان الاخير سيصل الى بغداد في 19 من الشهر الجاري للشروع في مهمته الجديدة. ويعدّ غايدار من ابرز رموز الاصلاح الكارثية التي جرت في عهد الرئيس بوريس يلتسن واسفرت عن تدهور الاوضاع الاقتصادية في روسيا في شكل خطير. وتنقل غايدار في مناصب حكومية عدة وكان مستشاراً اقتصادياً ليلتسن وتولى حقائب وزارة المال والاقتصاد وترأس الحكومة الروسية بالنيابة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي مباشرة. لكن اهم "انجازاته" تمثل في وضع برنامج اقتصادي ما زالت روسيا تعاني من آثاره حتى اليوم، ويعد غايدار صاحب نظرية "العلاج بالصدمات" في روسيا، واليه يعود الفضل في عمليات النقل العشوانئي للملكية التي اسفرت عن استيلاء نخبة محدودة على اكثر من 80 في المئة من مقدرات البلاد. وادى برنامجه الاقتصادي الى انهيار الروبل وتدهور الاحوال المعيشية في شكل حاد، ما اوصل اكثر من 50 في المئة من الروس الى ما دون خط الفقر. ويعتبر غايدار واحداً من اسوأ السياسيين الروس سمعة ويتهمه انصار الاحزاب القومية بالقيام ب"عملية تدمير منهجية" للاقتصاد الروسي، ويحملون برنامجه المسؤولية المباشرة عما وصف بأنه "ابادة منظمة للشعب الروسي" تمثلت في فقدان روسيا نحو مليون نسمة بسبب الاوضاع الاقتصادية. وظل غايدار خلال السنوات الماضية حليفاً مخلصاً للغرب وخصوصاً الولاياتالمتحدة كما انه يعدّ من المقرّبين للاوساط اليهودية ذات النفوذ الواسع في روسيا. وفي تعليق على دعوة غايدار للمشاركة في وضع برنامج اقتصادي في العراق قال سياسي روسي انه "لا يحسد الشعب العراقي" على النتائج المتوقعة من تطبيق النموذج الروسي ب"الاصلاحات" في العراق.