بقيت الحكومة السودانية متفائلة في اليوم الخامس من المفاوضات التي يجريها النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه وزعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" جون قرنق، بإمكان احراز تقدم في اتجاه التوصل الى اتفاق سلام. وأكد وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل في القاهرة أمس انه "متفائل بامكان حدوث اختراق في القضايا العالقة"، وأكد ان المفاوضات انتقلت أمس الى "قضايا الخلاف الرئيسية". واعتبر ان "استحداث منصب رئيس وزراء في السودان وارد". وأعلن كبير الوسطاء في عملية السلام السودانية الجنرال الكيني لازاراس سيمبويو تأجيل الجولة الثامنة من المفاوضات التي كانت مقررة غداً الأربعاء، بسبب استمرار مفاوضات طه وقرنق. وتوقع توصل المفاوضين الى "قرارات سياسية"، وقال ان "تقدماً كبيراً تحقق لأن الشخصين الرئيسيين يجريان مفاوضات مباشرة". وأضاف ان "سرعة عملية السلام تغيرت تماماً". أحرزت المحادثات المباشرة بين النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه وزعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" العقيد جون قرنق التي استمرت خمسة أيام في ضاحية نيفاشا الكينية تقدماً محدوداً في معالجة قضايا الخلاف الرئيسية المتصلة باقتسام السلطة والثروة والترتيبات الأمنية ووضع المناطق المهمشة الثلاث. وكثف الوسطاء أمس اتصالاتهم مع طرفي التفاوض اذ عقد كبير مفاوضي الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا ايغاد الجنرال لازاراس سيمبويو، ومسؤول ملف السلام السوداني في الادارة الأميركية المقيم في نيروبي السفير جيف ملنغتون لقاء مع قرنق، وينتظر أن يكونا عقدا لقاء مماثلاً مع طه لتقريب مواقفهما قبل صوغ بيان يوقعه الطرفان عن نتائج محادثاتهما التى مددت مرتين. وعلى رغم سياج السرية الذي ضربه الوسطاء على المحادثات التي وسعت بانضمام مفاوضين من الطرفين، إلا أن المعلومات التي تسربت أفادت أنها شهدت لحظات انفراج ولحظات تعثر، اذ شهدت مواقف الطرفين تقارباً في بعض القضايا وتباعداً في أخرى، ما دفع الوسطاء الى حض الحكومة على تقديم تنازلات في اقتسام السلطة والثروة وطالبوا الحركة بتقديم تنازلات في موضوعي الترتيبات الأمنية والمناطق المهمشة الثلاث جبال النوبة وأبيي وجنوب النيل الأزرق. وعقد طه وقرنق لقاء مطولاً مغلقاً ليل الأحد الاثنين استمر أكثر من أربع ساعات، وطرح الأول خلاله مواقف حكومته تجاه القضايا العالقة، وانضم اليهما في وقت لاحق وزير الحكم الاتحادي الدكتور نافع علي نافع ووكيل وزارة الخارجية مطرف صديق من الجانب الحكومي والقياديين دينغ ألور ومالك حقار من جانب الحركة. وتحدثت معلومات عن ان الجانبين اتفقا على احترام حقوق الانسان وكفالة الحريات الاساسية لكنهما اختلفا في مسألتي وضع الجيشين ومنصب رئيس الوزراء الذي اقترحته الخرطوم. وتمسكت الحركة بسحب القوات الحكومية من الجنوب الى شمال خط العرض 13 خلال الفترة الانتقالية، وتمسكت بمنصب النائب الأول للرئيس على أن يكون مسؤولاً عن الجهاز التنفيذي. وعلم ان اقتراحاً طرح بأن تجرى انتخابات خلال الفترة الانتقالية على المستويات المحلية والولائية والقومية كافة عدا منصب الرئاسة الذي تجري الانتخابات فيه في نهاية الفترة الانتقالية. وراجت معلومات في وقت متقدم ليل الأحد عن ان المحادثات حققت تقدماً مهماً، بعدما شرع المكتب الصحافي الرئاسي في اجراءات لتنظيم رحلة خاصة صباح الاثنين لرؤساء تحرير الصحف السياسية الى نيروبي. لكن الرحلة لم تنفذ في موعدها أمس، وتضاربت المعلومات في شأن أسباب ذلك، إذ ذكرت مصادر شبه رسمية ان عطلاً فنياً أرجأ الرحلة، بينما تحدثت مصادر أخرى عن عقبات أساسية واجهت المفاوضات. وأُبلغ رؤساء التحرير في وقت لاحق بأن الرحلة أرجئت الى اليوم الثلثاء ما سيعني تمديد المحادثات للمرة الثالثة.