أمير جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    نائب أمير منطقة جازان: تبرع سمو ولي العهد السخي لمشروعات "جود الإسكان" يؤكد حرص القيادة الرشيدة على راحة ورفاهية المواطن    تقديرًا لإمكانياته القيادية ودوره في خدمة القطاع الصحي بالمملكة: "مانع المانع" الرئيس التنفيذي لمستشفيات المانع يحصد جائزة "الشاب القائد للعام" من مجلس الضمان الصحي    القبض على مواطن بتبوك لترويجه مادة الحشيش المخدر    محافظ تيماء يرأس الجلسه الأولى من الدورة السادسة للمجلس المحلي    استثمر في حائل.. أرض الفرص الواعدة    أمير الشرقية يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات منشآت التدريب التقني والمهني بالمنطقة    خيسوس يؤكّد جاهزية الهلال لنصف نهائي كأس أبطال آسيا للنخبة أمام الأهلي    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية خدمة ضيوف الرحمن بالمنطقة    بلدية مركز شري تُفعّل مبادرة "امش 30" لتعزيز ثقافة المشي    جيسوس: إصابة كانسيلو الجانب السلبي الوحيد    الراشد : حققنا أهدافنا ..وهذا سر دعم زوجتي لجائزة السيدات    وزير الخارجية يصل سلطنة عُمان في زيارة رسمية    جامعة الأمير سلطان تطلق أول برنامج بكالوريوس في "اللغة والإعلام" لتهيئة قادة المستقبل في الإعلام الرقمي    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة ال 46 من جامعة الملك فيصل    هل تنقذ الصحافة الاقتصاد في عصر الذكاء الاصطناعي؟    "البحر الأحمر الدولية" تكشف عن مستعمرة مرجانية عمرها 800 عام    الذهب يهبط بأكثر من 1%    الصين تطلق بنجاح قمرًا اصطناعيًا جديدًا لنقل البيانات    بتوجيه من ولي العهد.. إطلاق اسم "مطلب النفيسة" على أحد شوارع الرياض    السعودية تمتلك تجارب رائدة في تعزيز ممارسات الصيد    وزير الاقتصاد: المملكة الأولى عربيا في الأداء الإحصائي    أمير القصيم: الخريجون ثروة الوطن الحقيقية لتحقيق التنمية    هنأت رؤساء توغو وسيراليون وجنوب أفريقيا.. القيادة تعزي الرئيس الإيراني في ضحايا الانفجار    "الانضباط" تجدد رفض احتجاج الوحدة ضد النصر    للمرة ال 20 في تاريخه.. ليفربول يتوج بالدوري الإنجليزي بجدارة    اكسر حواجز الواقع و اصفع الفشل بالإصرار    مدير الجوازات يستعرض خطة أعمال موسم الحج    صقر في القفص الذهبي    أبناء زين العابدين يكرمون كشافة شباب مكة    محادثات القاهرة تتعثر.. ولا ضوء في نهاية النفق.. الاحتلال يصعد في غزة ويطارد حماس عبر «مناطق عازلة»    تنفذها الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة الداخلية.. أمير الرياض: الحملة الوطنية.. "الولاء والانتماء" تعزز الأمن وتحصن الشباب    معرض"ذاكرة الطين" للتشكيلية فاطمة النمر    تعاون بين هيئة الصحفيين و"ثقافة وفنون جدة"    كيف تحل مشاكلك الزوجيه ؟    أكدت أنه يتفق والمصلحة المطلوبة شرعًا.." كبار العلماء": لا يجوز الذهاب للحج دون أخذ تصريح    كبار العلماء: لا يجوز الحج من دون تصريح    دمشق ل"قسد": وحدة سوريا خط أحمر    مقتل شخصين في ضربات أميركية على صنعاء    Adobe تطلق نموذج Al للصور    «إسرائيل» تمنع دخول شاحنات المساعدات لغزة    أخضر الشابات يترقب قرعة تصفيات كأس آسيا تحت 20 عاماً    جلوي بن مساعد يهنئ جامعة نجران    صناعة الحوار    تشكيليات يرسمن أصالة الأحساء    ليلة استثنائية    مؤشر نسبة العاملين من ذوي الإعاقة يقترب من تحقيق مستهدف رؤية 2030    «هيئة الشورى» تعقد اجتماعها الثامن    حل 40 ألف قضية أسرية قبل وصولها للمحاكم    ملتقى «توطين وظيفة مرشد حافلة» لخدمة ضيوف الرحمن    «جمعية تجهيز» تُخصص رقماً مجانياً للتواصل    وفاة عميد أسرة آل أبوهليل    محمد بن ناصر: رياضة المشي لها دورها في الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة    طلاء سحري يقتل البكتيريا والفيروسات    ارتفاع حرارة الأطفال بلا سبب    الميتفورمين يخفف آلام التهاب مفاصل الركبة    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الدكتور مطلب النفيسة على أحد شوارع الرياض    حسين الشيخ نائبا للرئيس الفلسطيني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عين المريسة - بيروت 1949
نشر في الحياة يوم 03 - 09 - 2003

في ربيع 1949 جئت بيروت مع زوجتي المرحومة مرغريت وابني الكبير رائد، الذي كان يكاد يبلغ الثالثة من العمر. جئت لأعمل في الجامعة الأميركية في قسم التاريخ. لكن لأن الفصل المدرسي لن يبدأ قبل اول تشرين الأول اكتوبر فقد ذهبت موقتاً الى برقة لأعمل مساعد مدير المعارف هناك لبضعة اشهر. واستقرت زوجتي وابني مع ابويها في سوق الغرب.
لما عدت في ايلول سبتمبر بدأت "افتش" عن بيت يتسع لنا ويكون قريباً من الجامعة، ورغبت في ان يكون صغيراً على قدر حاجتنا وعلى قدر مرتبي المتواضع. وأرشدت الى ايلي بخعازي السمسار، وكان يتخذ مركز عمله وتسليته في قهوة كانت تشغل طابقاً ارضياً من بناية عند تقاطع جاندارك - بلس حيث ظهر انكل سام اخذني الى عدد صغير من البيوت. ولم اكن أعرف جغرافية بيروت، دلني على بيت لطيف رخيص في عين المريسة. نقلنا إلينا وبدأنا نرتب امورنا.
كانت هناك، على تلة صغيرة قهوة. كنت آخذ ابني إليها ليلعب قليلاً ولأشرب انا فنجان قهوة كان ثمنه 25 غرشاً.
وقد سررنا بالبيت والجيران، وجاء الشتاء فكنا نقضي وقت الفراغ في البيت. لكن لما بدأ الربيع هاجمنا البعوض الذي كان فريسته رائد ابني. اقترحت على مرغريت ان تذهب الى سوق الغرب، وكان ذلك. ولما آن وقت الذهاب الى المقهى وجدت ان صاحبه اطلق عليه اسماً هو "مقهى باريس" ودهن الكراسي وأصبح يتقاضى 50 قرشاً ثمن فنجان القهوة.
في صيف 1950 انتقلنا الى شارع جاندارك. لكن المهم، سواء في عين المريسة او في شارع جاندارك، هو صعوبة الحصول على بضعة اشياء. كنت اذا احتجت الى قطعة لحمة روستو او بعض الطعام المستورد عليك ان تذهب الى باب ادريس. والسوق الذي اعجبني جداً يومها "سوق ابو النصر" الذي كان يطل على ساحة البرج.
انا احب ان أتعرف على الأماكن التي اقيم فيها - الشوارع والأسواق والمقاهي وما الى ذلك. عرفت على سبيل المثال لماذا سمي شارع جاندارك والشارع الموازي له الى الشرق شارع عمر بن عبدالعزيز: خليفة مشهور بعدله، ومقاتلة احرقت بتهمة الكفر. وأسماء بعض الأماكن، لكن ظلت عندي اماكن كثيرة لم أجد من يهديني الى معنى الأسماء فيها.
جربت ان أسأل، لكن هذه الأمور ليست من الأمور التي يتولى الناس امرها بالمعرفة. قد تكون هناك قصة، او حكاية... هذه امور تحتاج الى بحث وتقصٍ لم يتسع وقتي لهما. وأقمنا في رأس بيروت 25 سنة ثم انتقلنا الى قريطم حيث اقيم الآن.
مؤخراً وجدتني اود التعرف على معالم بيروت - لا المباني الكبيرة فحسب، ولكن المقاهي، الفنادق، الأحياء. وبدأت، ووجدت بعض الشيء.
لكن قرأت في يوم في مطلع صيف 2003 اعلاناً عن كتاب اسمه "منزول بيروت" تأليف عبداللطيف مصطفى فاخوري المحامي في الاستئناف. لكن الكتاب طبع على نفقة مؤلفه. أردت ان احصل عليه، إذ انني حسبت انني سأجد الكثير على الأقل عن البيوت العتيقة وبعض الأحياء. لم تجد المكتبة التي اتعامل معها كيف يمكن الحصول على الكتاب. فعثرت على رقم تلفون الأستاذ عبداللطيف واتصلت به مستفسراً عن كيفية الحصول على كتابه. فكان في غاية الكرم واللطف: سألني عن منزلي وقال لي سيكون الكتاب عندك صباح الغد.
وجاء الكتاب: أولاً من حيث المظهر هو انيق جداً، وكثير الصور، يصفه مؤلفه بقوله "تحقيق موثق يؤرخ لحدود بيروت القديمة وسورها وأبوابها وأبراجها وأسواقها ومحلاتها وعائلاتها وهندسة بيوتها".
قرأت الكتاب بكثير من اللهفة والشوق. فأسلوب المؤلف شائق مشوق. انت تقرأ عن مقاهي بيروت مثلاً، وأنا احببت مقاهي بيروت البسيطة والمعقدة مثل مقاهي البرج ومقهى الحاج داود، فتحس كأنك تقيم في المكان وأنت تقرأ ذلك.
أشرت الى الصور وهي صور للأماكن والأسواق وهي كثيرة وأكثرها واضح جداً. لكن الصور ليست للأماكن والأسواق مثل قهوة القزاز - ابي النصر والأشخاص، ولكن للإعلانات التي كانت تعلق على الأماكن. نرى مثلاً على ذلك إعلانات عن محلات حلو العريسي وهناك صورة إعلان عن بيع حمامات يعود الى سنة 1894. وفي إعلانات عن وقف "لف" السجاير وعن فابريكة دخان وسجاير لبنانية في الشوير وزحلة وجونيه.
ويتناول بعض العادات التي كانت مألوفة في ذلك الوقت، مثل طاسة الرعبة. ومن التفاصيل المنعشة في الكتاب قول المؤلف: "ويقتضي ان نذكر ثلاثة اشياء كانت من ضمن جهاز العروس وهي طاسة الرعبة وصندوق الثياب والقبقاب". ويضيف وفي هذا يقولون: "بيخطبو البنت على شلح قبقابها" اشارة الى الطريقة التي تتعامل فيها البنت مع قبقابها، وقد كانت لذلك طريقة معينة تدل على إتقان العروس لتصرفها المنزلي. وأشير الى عدد كبير من الوثائق الشرعية الدالة على الملكية وانتقالها مثلاً أو عقود بيع. ومن ألطف الإعلانات إعلان عن الكالوشات الروسية الحقيقية وارد بطرسبرغ وتباع بالجملة والمفرق في اشهر محال بيروت. تاريخ الإعلان سنة 1860 وجزء منه مكتوب باللغة الروسية. وثمة إعلان طريف عن محل البون مارشيه الصغير - يذكر الإعلان كل ما يباع هناك من لوازم شخصية ويضيف "الأسعار محدودة ومقيدة على كل قطعة". وهذا يضع امامنا صورة لبيروت التجارية يومها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.