يبقى الأهم في لقاء رئيس الحكومة رفيق الحريري ورئيس كتلة "اللقاء النيابي الديموقراطي" وليد جنبلاط انهما اجتمعا بعد قطيعة لاشهر، دفعت بمناوئي الأول الى الرهان على الإفادة من خلط الأوراق بينهما. اللقاء سادته الصراحة وانعكاس الوضع في المنطقة على الوضع الداخلي، وأسس لمعاودة الحوار على قاعدة الاختلاف حول عدد من القضايا على رغم ان رئيس التقدمي لا يحمّل الحريري وحده تعذر الحلول لمشكلات البلد لان النظام السياسي ككل مسؤولاً عنها. ويرى البعض ان استئناف الحوار بينهما، بدد الاعتقاد بأن الأخير بات اقرب الى رئيس الجمهورية اميل لحود منه الى رئيس الحكومة. فجنبلاط يرفض تصنيفه على خانة اي منهما. ومع ان الحوار بين الحريري وجنبلاط كان مطلبياً طُرحت فيه مطالب "اللقاء النيابي الديموقراطي" الذي حضر جميع اعضائه، لكنه لم يمنع استحضار ابرز المحطات السابقة بدءاً باعتذار الحريري في اول عهد لحود عن عدم تشكيل الحكومة التي عاد فترأسها الرئيس سليم الحص. ونقل نواب في "اللقاء الديموقراطي" عن جنبلاط قوله انه "من امام منزلك في قريطم قلت اني معك في السرّاء والضرّاء"، في اشارة الى معارضته الشديدة للممارسات التي استهدفت المعارضة من خلال حملة مكافحة الفساد والهدر. وتابع جنبلاط: "اما اليوم، فلا أستطيع تكرار هذا الكلام في ظل الوضع المتردي في مناطق الشوف وعاليه وبعبدا وعدم شمولها بالمشاريع التنموية، لانه سيلقى معارضة في هذه المناطق المحرومة قياساً الى غيرها". وبدا الحريري متفهماً لما سمعه من جنبلاط عن وجوب الاهتمام بمناطق الجبل، وكرر الأخير قوله انه نصحه في العام 2000 عندما اكتسح الانتخابات النيابية في بيروت، بأن يتجنب العودة الى رئاسة الحكومة، وأنه من الأفضل له البقاء خارج الحكم، ولا يسعه اليوم سوى تكرار هذه النصيحة اذا كانت الظروف تسمح له بذلك، علماً ان الحزب التقدمي الاشتراكي لن يشارك في الحكومة المقبلة ويترك الأمر للقاء النيابي. ولم يجب الحريري مباشرة على كلام جنبلاط. وسأل جنبلاط عن مصير مشروع الصرف الصحي للمنطقة واستمرار التأخر في بناء المصافي في الجية لتكرير المياه المبتذلة، اضافة الى مطالبته بإنشاء سد القيسماني لتزويد عاليه والمتن بالمياه والإسراع في إقفال ملف عودة المهجرين. وتجنب الحريري لغة التبرير "دفاعاً" عن الإهمال الذي يصيب هذه المناطق، لكنه اكد انه طلب من وزير المهجرين عبدالله فرحات إعداد ملف شامل عما آلت إليه قضية المهجرين لاستكمال العودة. واشترك الحريري وجنبلاط في الحديث عن ملف الكهرباء وخصخصة الهاتف الخلوي ونقل عن الأول قوله انه لا يزال يجهل الأسباب التي ادت الى وقوع مؤسسة كهرباء لبنان في عجز مالي على رغم ان التوقعات كانت ترجح بعض التوازن بين الواردات الجباية والنفقات وهذا لم يحصل. وبالنسبة الى الخلوي قال الحريري: كانت هناك وجهتا نظر، فانتصرت الوجهة التي يدعمها لحود ووافقت على السير بها تشغيل الخلوي من شركات لمصلحة الخزينة. وأيد الحريري قول جنبلاط إن الوضع صعب، لكنه رأى ان لا شيء مستحيلاً لتوفير الحلول، شرط التوافق بين الرئاسات بوقف السجال وقيام مناخ تعاون. وفي ضوء الاجتماع التمهيدي الأول بين الحريري وجنبلاط الذي سيحيي الاجتماعات الدورية مساء كل يوم احد بينهما، فإن رئيس "التقدمي" اراد ان يحتفظ لنفسه بمسافة واحدة من الرئيسين، وألا يستخدمه أي منهما في تصفية الحسابات التي لن تتوقف إلا بعودة دمشق الى التدخل للحؤول دون مشكلة جديدة بين لحود والحريري. وكانت بوادر مشكلة كهذه بدأت تظهر الى العلن من خلال بعض بنود جدول اعمال الجلسة المقبلة المتعلقة بإعادة النظر في مرسوم اعطاء مساحات اضافية لشركة "سوليدير" وأوضاع الكهرباء وإنشاء شركتين للدولة من اجل ادارة الهاتف الخلوي... والصلاحيات في مجلس الإنماء والإعمار... وهي مواضيع قابلة لإحداث خلافات كبيرة. وأكد الحريري في لقائه مع جنبلاط مجدداً انه لن ينجرّ إليها لأنه لا يريد الاختلاف مع لحود، خصوصاً انه مقتنع بوجوب التهدئة وبالنصيحة السورية الدائمة في هذا الصدد.