لوّح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط امس بسحب وزرائه من الحكومة في موقف تصعيدي تجرى اتصالات لتفادي ذهابه الى النهاية، خصوصاً انه قد يهدد الحكومة، في ظل حرص كبار المسؤولين ودمشق على استمرارها واستبعاد تغييرها في هذه المرحلة. ورأت اوساط مطلعة ان تلويح جنبلاط بسحب الوزراء خطوة "استدراكية" لطرح احد نوابه اكرم شهيب الثقة بالحكومة في جلسة البرلمان الثلثاء الماضي إذ انه لا يمكن ان يعبر عن احتجاجه على بعض سياسات الحكومة بطرح الثقة في وقت ما زال وزراؤه على مقاعد مجلس الوزراء. واستبعدت اوساط نيابية عقد جلسة نيابية الثلثاء المقبل كما كان لمّح إليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لتجنّب طرح شهيب الثقة مجدداً بالحكومة، وتجرى اتصالات لاحتواء الموقف عبر تجديد الحوار بين جنبلاط ورئيس الحكومة رفيق الحريري. رأى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أن هناك "إهانة" لوزراء الحزب و"اللقاء الديموقراطي" غازي العريضي ومروان حمادة وعبدالله فرحات من "خلال التسويف وعدم اعطاء اجوبة واضحة" عن مواضيع انمائية. وسأل: "ما معنى مشاركتنا؟ في النهاية لا بد من سحبهم الوزراء، اذ لا يمكننا ان نكمل هكذا، لأننا في النهاية موجودون والمشاريع تمر وسرقة اموال الشعب تمر"، موضحاً ان "اللقاء" سيجتمع ويتخذ قراراً في ذلك. وقال جنبلاط في مؤتمر صحافي أمس: "سهل جداً على بعض المسؤولين الحديث دائماً عن الاستحقاقات الكبرى، "خريطة الطريق" هنا، "خريطة الطريق" هناك، التمديد، غير التمديد الخ.. للهروب من استحقاقات أهم بكثير من هذه العناوين، تتعلق بحياة المواطنين الاجتماعية - الاقتصادية، لأن ما يفعلونه او يفعله البعض، هو هروب الى الأمام وصولاً الى مرحلة الافق المسدود، إذ يرمي كل على الآخر مسؤولية الأزمة وربما الانهيار". وتحدث عن ستة مواضيع هي: النفايات والكسارات وشراء الدولة زيت الزيتون، والتقسيم الانتخابي وقضية المهجرين، والهاتف الخلوي. وأوضح ان "ثمن طن النفايات 125 دولاراً وثمن صفيحة زيت الزيتون 60 دولاراً"، مشيراً الى ان رئيس الحكومة رفيق الحريري والمتعهد ميسرة شكر وعدا بايجاد مطمر آخر غير مطمر الناعمة، في وصاية مجلس الانماء والاعمار لكن تبين ان ليس له علاقة لأن ميسرة شكر أكبر منه، وهذا لم يتحقق، ومجدداً حصل تسويف". وعن الكسارات رأى ان "وراء كل نائب او وزير صاحب كسارة او مقلع. هكذا تبدو غالبيتهم. ويبدو ان هناك مشروعاً لاستباحة كل ما تبقى من لبنان الاخضر من أودية وجبال لمصلحة الرأسمال الجشع"، معتبراً ان "موضوع الاستيراد أخف كلفة بيئياً على لبنان يوازي بالسعر الانتاج المحلي، لكنهم لا يريدون". وقال: "من حقي ان احافظ على منطقتي وسأخوض معركة في ذلك". وعن زيت الزيتون قال جنبلاط: "انه عنوان بسيط يمكن ان يراه البعض سخيفاً، لكنه مهم في ما يتعلق بالإنماء المتوازن"، مطالباً بأن "يجعل سعر الصفيحة مئة ألف ليرة وهي توازي في السنة 6 مليون و600 ألف دولار". وعن التقسيم الانتخابي دعا جنبلاط الى "جعل كل قضاء محافظة اسوة ببعلبك - الهرمل"، مبدياً معارضته تقسيم جبل لبنان الى دائرتين انتخابيتين او ثلاث". وعن مسألة المهجرين قال ان "ما دفع خلال عشر سنوات بلغ بليوناً و500 مليون دولار، أي ما يوازي ما دفع في مطار بيروت مرة ونصف المرة، مع ان المطار الجديد شكله بشع كالتابوت". وعن الهاتف الخلوي قال: "عندما نقول لا للتخصيص يعني لا لبيع القطاع العام للخواص، لكن هذا لا يمنع ان يُؤتى بشركة دولية محترمة لتشغيل الخلوي، لا شركة نخترعها في 24 ساعة مع رأسمال مجهول". وأكد ان لمعارضته الخصخصة "خلفية سياسية، لأنهم تحت شعار ان هناك ديناً 32 بليوناً، يريدون بيع كل ممتلكات الدولة. وعند ذلك تصبح الدولة مجموعة اقطاعات مالية ويبقى الجيش وحده خارج التخصيص، وقد يقول لك غداً الجيش مكلف فلنخصخصه ونوجد شركة أمن وطنية خاصة". وعن علاقته بالرؤساء الثلاثة، قال: "لماذا نبسط الامور؟ الموضوع ليس علاقات شخصية. هناك مبادئ عامة، وعليها اذا لم يتم التصحيح، اخرج من الوزارة ولن تخرب الدنيا وارتاح نفسياً واعود الى مصداقيتي الحزبية واتفرج اشاهد ويصطفلوا". وانتقد ما نقل اليه عن قول الحريري لبعض البيارته في حمانا "غداً نعطي جنبلاط مالاً من أجل المهجرين فيصمت". ونفى ان يكون طرح هذه الهواجس في دمشق، سائلاً: "هل ندخل الشام بالكسارات ايضاً؟". وأوضح انه زارها أول من أمس للقاء "صديق قديم هو العماد حكمت الشهابي، ودائماً اصعد الى الشام والتقي اصدقائي القدامى والحاليين. هناك ما هو أهم من الشأن اللبناني، فلسطين والعراق ومصير المنطقة". وقال جنبلاط في دردشة بعد المؤتمر ان "البلد لا يحكم بمملكة "سوليدير" ولا بدولة "سوكلين" ولا بمحميات الكسارات". وقيل له يبدو انك أقرب الى رئىس الجمهورية اميل لحود من سواه قال: "أنا لا اتحالف مع أحد الا مع نفسي، ولا أحد يحسبني مع أحد. فأنا لست مع هذا الرئيس ضدّ ذاك، بل أنا مع الناس ومصداقيتي في الشارع. لا يمكنني ان اكمل هكذا. البلد ينهار ولا اريد ان اكون شاهد زور او شريكاً في الجريمة، لا اريد ان نمارس سياسة ازدواجية الشخصية ولا الانفصام". واعتبر ان "النظام لا يمكن اجراء اصلاح فيه بسبب غياب المحاسبة والرقابة". وعن قانون الانتخاب قال: "يجب ان نرى هواء المنطقة كيف يذهب بعد سنة ونصف السنة في ظل المتغيرات"، معلناً انه مع اعتماد القضاء دائرة انتخابية. وقال انه التقى وزير الداخلية الياس المر مرة واحدة، مؤكداً "انني اريد ان انتخب نفسي ولا اريد ان اصوت لأحد، واذا كان وزير الداخلية يعتبر نفسه قوياً فليصوت لنفسه".