اتفقت الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" على معظم القضايا الخلافية، بعد التوصل الى تفاهم في شأن الترتيبات الامنية والعسكرية واستمر المفاوضون امس في صوغ مسودة اتفاق، وذلك بعد اسبوعين من المحادثات بين النائب الاول للرئيس علي عثمان محمد طه ورئيس "الحركة" العقيد جون قرنق جرت في منتجع نيافاشا الكيني، في وقت تلقى الرئيس السوداني عمر البشير اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الاميركي كولن باول حض فيه الخرطوم على تسريع عملية السلام. واكدت مصادر قريبة الى المفاوضات ان الطرفين اتفقا على اصدار وثيقة توضح اتفاقهما على المسائل الامنية والعسكرية، فيما ستتواصل المحادثات في شأن القضايا الخلافية الاخرى. واكدت ان طه وقرنق تجاوزا في جلسة استمرت ثلاث ساعات اصعب القضايا واعقدها في ملف الترتيبات الامنية العسكرية. وعلم ان الجانبين اتفقا على ان تتولى "الحركة الشعبية" منصب النائب الاول للرئيس مع انشاء منصب نائب رئيس يرجح ان يشغله طه ومنح "الحركة" نحو 30 في المئة من حقائب مجلس الوزراء، ونسبة مماثلة في البرلمان الانتقالي. وفي اقتسام الثروة شملت مسودة الاتفاق على مبادئ عامة واقتراحات طرحها البنك الدولي وخمس وثائق وقعها الطرفان بالاحرف الاولى في وقت سابق وعقدت محادثات لمناقشة التفاصيل ونسب توزيع عائدات النفط والموارد القومية والنظام المصرفي. واعلنت مصادر قريبة من المحادثات ان مفاوضات جرت بين الطرفين قدمت بموجبها الحكومة تنازلات كبيرة في شأن الترتيبات الامنية والعسكرية مقابل تنازلات مماثلة من "الحركة" في شأن اقتسام السلطة تخلت فيها عن مطلبها برئاسة دورية ورفضت انشاء منصب ثان للرئيس. وفي الترتيبات الامنية والعسكرية اقترب الجانبان من الاتفاق على مبدأ وجود قوتين من الجانبين، ووقف شامل لاطلاق النار وفق الأسس المتعارف عليها دولياً، وخفض قوات الجانبين ونزع السلاح واعادة الانتشار وانشاء وحدات مشتركة من الطرفين في مناطق جبال النوبة وجنوب النيل الازرق بحجم ثلاثة الاف جندي في كل منطقة، ووحدة تتألف من 2500 جندي في الخرطوم، ووحدتين مشتركتين في جنوب البلاد. كما اتفق الطرفان على خفض حجم قواتهما في الجنوب بنسب متساوية تصل الى نحو 75 في المئة من الجيش الحكومي من الجنوب خلال عامين مع احتفاظ "الحركة" بجيشها وخفضه بالنسبة ذاتها في الفترة ذاتها، وانشاء قيادة موحدة للوحدات العسكرية المشتركة وتسمية وزير مختص بشؤون قوات "الحركة" في جنوب البلاد. كما اتفق الجانبان على اجراء انتخابات عامة بعد ثلاث سنوات من بداية الفترة الانتقالية ومدتها ست سنوات واحترام حقوق الانسان والتزام التحول الديموقراطي ومبدأ الشراكة السياسية بين الطرفين. وقال الناطق باسم الوفد الحكومي المفاوض سيد الخطيب عصر امس ان لجنة صوغ ما اتفق عليه الطرفان مستمرة في عملها. واعتبر الاتفاق على شكل الترتيبات الامنية نقلة حقيقية ومفتاحاً للوصول الى اتفاق في بقية القضايا بعد تقارب مواقفهما. وافادت مصادر قريبة من المحادثات ان لقاء مرتقباً بين طه وقرنق سيحسم بعض نقاط الخلاف الجزئية التي لا تشكل عقبة اساسية امام التوصل الى تفاهم. وقال وزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان للصحافيين امس ان كولن باول اجرى اتصالاً هاتفياً مع البشير وابدى تفاؤله بالتوصل الى اتفاق وحض على تسريع المحادثات لاقرار اتفاق السلام. وذكر عثمان ان المحادثات احرزت تقدماً، وان الجانبين يعكفان على ازالة ما تبقى من عوائق، وتوقع تسويتها في أي لحظة، مشيراً الى ان طه اطلع البشير في اتصال هاتفي على تطورات المفاوضات.