تعود الروح اليوم إلى ملاعب الإمارات حينما يفتتح الموسم الكروي الجديد بمنافسات الدور التمهيدي لمسابقة كأس رئيس الدولة في نسختها ال30 بعرض مثير لدربي العاصمة ما بين الوحدة والجزيرة. وستكون عيون الإماراتيين هنا على الملعب، ولكن قلوبهم هناك في بانكوك حيث يخوض في الوقت ذاته منتخبهم الأولمبي معركته الحاسمة لاقتطاع تذكرته لأولمبياد أثينا 2004 أمام المنتخب التايلاندي. كان الإماراتيون يأملون بتتويج منتخب الناشئين ببطولة التعاون التي اختطفها منه المنتخب السعودي في اللحظات الأخيرة، لكنهم أحسوا بثقة أكبر في المستقبل بعد أن اهتزت صورتهم بانحدار منتخبهم القومي هذا الصيف للمرتبة ال100 في تصنيف الاتحاد الدولي... لكن أحاديثهم وعيونهم تشير إلى أنهم على أبواب إنجاز مهم وتتويج زعيمهم نادي العين بكأس أبطال آسيا، وبتلك الرغبة الكامنة فيهم للإبداع والتميز تنظيمياً وكروياً باحتضانهم مونديال الشباب في نهاية تشرين الثاني نوفمبر القادم. "الواقعية" ربما كانت هذه المفردة الأكثر تعبيراً عن الحال الإماراتية قبيل الموسم الجديد، فبعد سنوات الطفرة الأخيرة وتداعياتها المالية والإدارية... وبعد أن استقطب الدوري الإماراتي أنظار الخليج، يشعر المرء أن أحاديث الناس هنا تسيطر عليها استثمارات قطر الخيالية في عواجيز أوروبا وآلتها الإعلامية الجديدة "الجزيرة الرياضية". ومن هنا تيقن الإماراتيون من أهمية الانكفاء قليلاً على أنفسهم والبحث عن سبل التنمية الكروية محلياً وإحداث نقلة نوعية في الإدارة والتشريعات تنقلهم من حضن الحكومة الدافئ إلى المبادرة الخاصة والاستثمار لضمان المستقبل. هنالك أسئلة حارقة عدة في سماء الإمارات عشية الموسم الجديد تبدأ بغياب اتحاد شرعي دائم وصولاً إلى المشكلة المزمنة المتمثلة في نقص الموازنات والأموال والتي بسببها اعتذر نادي التعاون عن المشاركة في الدوري والكأس. أحلام الناس هنا، تتلخص في تتويج العين بالكأس الآسيوية ونجاح الإمارات في تنظيم مونديال الشباب. أما المسابقات المحلية وحساباتها، فهي مؤجلة إلى إشعار آخر من دون أن تغيب التمنيات بانتهاء الحقبة السوداء للمنتخبات الإماراتية، وبأن يكون التحكيم أكثر عدلاً، ورؤية أول لاعب إماراتي يحترف خارج حدود الوطن. وتظهر هنا أيضاً تخوفات غير معلنة من الفوارق المالية الكبيرة بين الأندية، إذ يحتل العين القمة بموازنته التي تقارب 40 مليون دولار، في حين تحاول بقية الأندية النسج على "المنوال العيناوي" في وقت أدركت البقية الباقية أن الأهم حالياً هو المحافظة على موقع ضمن النخبة قبل البحث عن النتائج والتتويجات. لا يزال الفرنسي برونو ميتسو نجم المدربين، بعد أن توج بالدوري وكأس السوبر الموسم الماضي وحمل العين للنهائي الآسيوي... ما دفع إلى انتشار المدرسة التدريبية الفرنسية هنا، فتعاقد الوحدة مع كوربيس، وأبقى النصر إكسبرايا. وحافظ الإماراتي جمعة ربيع على موقعه في قيادة الشارقة، بعد أن أهدى إليها الموسم الماضي كأسها الثامنة. وغاب الحضور العربي إلا في نادي الخليج الذي انتدب التونسي محمد المنصف، وتوزعت البقية ما بين مدارس برازيلية وهولندية وألمانية... وعاد الروماني بيلاتشي صائد الألقاب ليستحم في مياه الخليج مع الأهلي. ربما أفسدت الحال القطرية ورقة اللاعبين الأجانب بتضخمها الشديد، وربما كان تأخر بداية الدوري إلى شهر كانون الثاني يناير المقبل... منح الأندية فرصة أكبر للبحث عن "العصافير النادرة"... ولذا تميزت التعاقدات بالتروي الشديد خوفاً من "المقالب" وبالبحث في المستويات "الوسطى" بلا شطط جنوني تحسباً للأزمات المالية المعروفة. اختار كوريس مواطنه لامبورد والروماني مولدوفان، والوحدة يفكر في الإيراني علي دائي في مقابل مليون دولار، وضم ميتسو مواطنه أمين أفانو والبرازيلي رودريغو، واستمر الود بين الإيراني علي كريمي والأهلي الذي عزز صفوفه بالبوسني ميتروفيتش. وغاب العجوز الليبيري جورج وياه عن الجزيرة، وجاء الكولومبي الشاب أليسون بيسيرا ب450 ألف دولار. واحتفظ الشارقة بالمغربي عثمان العساس وضم البرازيلي أندرسون، ولا تزال قضية السنغالي سيمبا ما بين النصرين الإماراتي والسعودي معلقة، في حين انتقل هداف الموسم الماضي التشيلي كريستيان إلى الإمارات ضيف الموسم الجديد في الدوري الممتاز... وفي ظل كل ما سبق، تبقى "الواقعية" هي كلمة السر في الموسم الإماراتي الجديد.