كُتب بالبنط العريض الموشح باللون الأحمر القاني في تعليق الصحافة الاماراتية على اسعار تعاقدات "العواجيز" الاجانب من باتيستوتا الى فرانك لوبوف مع الأندية القطرية "الساحرة المستديرة في خطر بسبب قطر...". كان الجميع يعتقد هنا، بأن صفقة البرازيلي روماريو مع السد القطري العام الماضي "سيرة وانفضت"، بعدما حققت اهدافها الدعائية، وبانت مساوئها الكروية. لكن الاصرار القطري على تحويل التكتيك الى استراتيجية، ارخى بظلال شك حول قدرة الاندية الاماراتية التنافسية في سوق "اشتعلت فيها النيران"، وربما اثرت في الطموح الاماراتي نحو الزعامة الاقليمية بعد موسم شد الانتباه ما دفع قيادات الاندية للتفكير في ايجاد بدائل معقولة ما بين النار القطرية وابتزاز السماسرة. رئيس اللجنة الموقتة لاتحاد الكرة سلطان صقر السويدي، أوضح أن "الاندية القطرية لها الحرية الكاملة في دفع ما تراه عند تعاقدها مع اللاعبين. أوروبا عانت من المسألة ذاتها في السابق، لكنني ادعو الاندية المحلية الى عدم المغالاة، لأن المستفيد الاخير هو اللاعب فقط". وأضاف "هنالك تنسيق قائم بين الاتحادات الخليجية بالنسبة الى اللاعبين الاجانب وأسعارهم، لكن لا نستطيع اجبار تلك الاندية على وضع سقف معين للانتدابات". ربما بدا الامر مفارقاً، لكن امام التهاب اسعار البورصة، اصبحت الاندية الامارتية تدعو الى وضع ضوابط ومعايير للانتدابات الاجنبية من الجهات المختصة وأيضاً الى رقابة من اتحاد الكرة المحلي. عموماً، تبدو بداية الدوري الاماراتي الجديد بعيدة نوعاً ما، فبسبب مونديال الشباب ستكون انطلاقته مع اطلالة عام 2004. وحدد الاتحاد المحلي فترات استقدام الاجانب في وقت لا يزال الجدل متواصلاً حول عددهم ما بين اثنين او ثلاثة بعد 5 مواسم من عودة الاجانب الى الدوري الاماراتي. اعتمدت الاندية استراتيجية تصاعدية في مواجهة الازمة وحددت خياراتها البديلة، فاتجهت غالبيتها بعد نهاية الموسم الماضي الى اعادة ترتيب بيتها الداخلي في البدء، فعززت تجربة مجالس الشرف لتكون عوناً للنادي في تحمل تكاليف الموازنة المتنامية والافادة من الخبرات وعلاقاتها العامة. ولم يكن مفاجئاً تجديد عقد الفرنسي برونو ميتسو بعد موسم استثنائي مع العين، لكن الاندية المنافسة ومن ابرزها نادي الوحدة ادركت الاضافة التي قدمتها المدرسة الفرنسية، وتفهمها لعقلية اللاعب المحلي على رغم عائق اللغة، فتعاقدت مع مدرب نانت الفرنسي كوربيس لعله يشفي جراح الجماهير الوحداوية المتعطشة للألقاب. ولمواجهة الارتفاع الجنوني في بورصة الاجانب، اعتمدت الاندية خيارات تراوحت ما بين الانحناء لزمن مرور العاصفة ثم البحث عن وجهات بديلة. فقد اختارت غالبيتها السكوت حالياً في مسألة انتداب الاجانب وعدم عقد صفقاتها في الاسابيع المقبلة، مما سيدفع بالسوق الى الاعتدال مع تقلص الطلب وكثرة العروض في موسم البيات الصيفي. في حين توجه البعض الآخر الى تجديد عقود لاعبيه الحاليين، فقد جدد نادي الشارقة المتوج بالكأس عقد المغربي عثمان العساس ويفاوض البرازيلي اندرسون على مواصلة المشوار. سيكون الايراني علي كريمي اهلاوياً كعادته، ولم يتردد الايفواري ابو بكر سانغو في تجديد عقده مع العين الذي احتضنه شاباً لم يتجاوز ربيعه ال18، حتى توج الموسم الماضي افضل لاعب اجنبي في الدوري المحلي. عانت الاندية في السابق من "ديبلوماسية" الفاكسات والتعاقدات المبنية على اشرطة الفيديو وشهادات السماسرة، فاتجهت لدفع المدربين لاكتشاف نقاط القوة ومكامن الضعف، وتعاطت ايجابياً مع اقتراحاتهم في استقدام الاجانب. وقع الروماني مالدوفان المتوج مع نانت الفرنسي باللقب في موسم 2000-2001 للوحدة، بعد مشورة كوربيس الذي يدفع أيضاً باتجاه استقدام مواطنه المدافع برنار لامبورد في خطوة لإكمال برنامجه الاصلاحي. لا شك في ان برونو ميتسو، سيكون محدداً في اختيار بديل الايفواري كانديا تراوري بعد عودته لناديه الاصلي الترجي التونسي. لكن امام الشطط في اسعار اللاعبين الاجانب الاوروبيين، يبدو ان اختيارات الاندية الاماراتية، ستتوجه نحو شبان صغار في السن في الضفاف العربية والأدغال الافريقية وأميركا اللاتينية لكسر الاحتكار القطري. ولعل توقيع ادارة نادي الوحدة في الاسبوع الماضي اتفاق توأمة مع نادي امساك ابيدجان الايفواري الذي يحوز أشهر اكاديمية للشباب في افريقيا، والذي نص على تبادل اللاعبين يؤشر إلى عقلية جديدة في مواجهة المغالاة.