في الماضي قبل إسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين، كان الخطر الوحيد بالنسبة للمسافرين على الطريق بين العاصمتين العراقيةبغدادوالأردنيةعمان متمثل بنقطة الحدود العراقية والضباط العراقيين العاملين فيها، الذين كان من السهل التخلص من سطوتهم بقليل من الدولارات، أما اليوم فالخطر أكبر بكثير وقد يكلف المسافر على هذه الطريق في أحيان كثيرة حياته. قبل الحرب على العراق في آذار مارس كان المسافر إلى بغداد يتسلم في نقطة الحدود مع الأردن بياناً صغيراً يطلب منه إجراء فحص طبي للتأكد من عدم إصابته بفيروس "إتش آي في" المسبب لمرض الإيدز إذا رغب في البقاء داخل العراق فترة تزيد عن عشرة أيام. ولدى توقف المسافرين في طريق عودتهم من بغداد كان الموظفون العراقيون يطلبون منهم إذا وجدوا أنهم مكثوا أكثر من عشرة أيام في البلد إبراز إثبات على أنهم أجروا الفحص الطبي المطلوب، وإذا تبين أنهم لم يخضعوا للفحص يحاول الموظفون إرغامهم على أخذ عينات دم منهم بوسائل بدائية وحقن لا أحد يعرف مدى نقاوتها أو صلاحيتها لإجراء الفحص، ليكتشف المسافرون لاحقاً أن هذه مجرد وسيلة ابتزاز يمكن تفاديها بقليل من المال. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مراسل أميركي كان من أواخر الخارجين من العراق قبل الحرب أنه دفع 80 دولاراً إلى ضابط الحدود العراقي للتخلص من الفحص. غير أن هذا الخطر الذي زال مع زوال نظام الحكم السابق حلّ مكانه خطر من نوع آخر أشد وطأة وفتكاً وهو اللصوص وقطاع الطرق الذين ينشطون على طول الطريق بين الحدود الأردنيةوبغداد، بلا خوف من سلطة أو قوة وبلا رأفة. فالجنود الأميركيون الذين حلوا محل الجنود والموظفين العراقيين على نقطة الحدود منهمكون في عملهم ولا أحد يهتم بالأمن والسلامة على الطريق إلى بغداد، تاركينها مسرحاً للصوص المجهزين جيداً لاعتراض المسافرين والاعتداء عليهم. واللصوص على هذه الطريق وفقاً للصحيفة أنواع، منهم من يتظاهر باللطف والرغبة في المساعدة ومنهم العنيف. منهم المختص بسرقة السيارات، حيث يتم اعتراض المسافرين وإنزالهم مع حقائبهم من سياراتهم ويقودونها إلى أماكن مجهولة، ومنهم من يختص بالسلب وسرقة الأموال والحقائب والمجوهرات والساعات وكل ثمين. ووفقا لتقرير أعده مركز أبحاث "سينتوريون" البريطاني كثيراً ما يطلق اللصوص النار على السيارات التي يرفض سائقوها التوقف، مستعملين في بعض الأحيان قنابل يدوية وأسلحة شبه ثقيلة. وأشار التقرير إلى أن اللصوص يستعينون أحياناً بأساليب تكتيكية لخداع المسافرين بإيقاف سيارة مثلاً وسط الطريق والتظاهر بأنهم يحاولون إصلاحها، فينقضون فجأة ومن الخلف على السيارات التي تتوقف خلفهم أو بقربهم ويسلبون المسافرين بقوة السلاح. ويتمتع اللصوص بجرأة فائقة إذ أنهم لا يخشون مهاجمة المسافرين حتى لو كانوا في قوافل من السيارات ، فيرغمونهم على التوقف ويعتدون على المسافرين. ويستخدم اللصوص عدداً من "الكشّافة" الذين يركبون درجات نارية سريعة للإبلاغ عن قرب وصول سيارات وقوافل المسافرين إلى المواقع التي تنصب فيها الكمائن عادة. ومع أن اللصوص ينشطون على طول الطريق إلى بغداد إلا أن أخطر منطقة تلك الواقعة قرب مدينة الرمادي الواقعة على بعد 60 ميلا غرب العاصمة العراقية والتي تشهد عمليات مقاومة مكثفة ضد القوات الأميركية. أما المسافرون فيعتمدون في أحيان كثيرة على السائقين الذين هم في غالبيتهم أردنيون. فهؤلاء السائقين لم يسلموا هم أيضاً من سطوة اللصوص العراقيين. لكن سائقين آخرين يحاولون الاحتيال على قطاع الطرق برفع أعلام أردنية وبالسير بسرعة هائلة تصل إلى 120 ميلاً في الساعة للإفلات من مطاردة اللصوص، معرّضين أنفسهم والمسافرين إلى خطر شديد. ورائد الخطيب هو أحد هؤلاء السائقين ويعمل ضمن مجموعة سيارات تسافر كقافلة واحدة ذهاباً وإياباً إلى بغداد. ويقول رائد ان معظم سيارات القافلة رياضية وذات دفع رباعي قادرة على السير بسرعة فائقة وعلى طرق وعرة إذا لزم الأمر. ويتدرب السائقون على القيادة كما في حلبات السباق الواحد خلف الآخر بحرص شديد على عدم الاصطدام.