ألغى الحزب الحاكم في السودان أمس بشكل مفاجئ سلسلة لقاءات مقررة مع شركائه في السلطة والاحزاب السياسية واجتماع لمكتبه القيادي، مما أثار تساؤلات عن علاقة ذلك بتطورات المحادثات بين الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" من أجل حل سلمي لأزمة الجنوب. وواجهت مفاوضات السلام أمس، صعوبات في معالجة الترتيبات الامنية والعسكرية. وفي اسمرا، اعربت مصادر قريبة من "الحركة الشعبية" عن تخوفها من "تعثر جديد" للمحادثات بين نائب الرئيس علي عثمان محمد طه وزعيم "الحركة الشعبية" العقيد جون قرنق، فيما ساد القلق أوساط المعارضة السودانية بسبب التكتم التي احيطت به محادثات كينيا. حددت الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" وزير الحكم الاتحادي الدكتور نافع علي نافع ونائب رئيس الحركة سلفاكير ميارديت للتوقيع على "مذكرة تفاهم" يسعى الجانبان الى الوصول اليها في ختام محادثات النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه وزعيم الحركة العقيد جون قرنق الجارية منذ ثمانية ايام في ضاحية نيفاشا الكينية. وتحدثت معلومات في الخرطوم عن ان الرئيس عمر البشير وقرنق سيشهدان توقيع الاتفاق النهائي في منتصف تشرين الأول اكتوبر المقبل في حدائق البيت الأبيض في واشنطن في احتفال ينتظر ان تدعو اليه الادارة الاميركية عقب توقيع اتفاق السلام النهائي. وعقد طه وقرنق لقاء مغلقاً أمس، ثم اجتمع الوفدان العسكريان مرتين لتسوية خلافاتهما، تحفظ خلالهما الجانب الحكومي على اقتراحات طرحتها الحركة، وكان مقررا عقد لقاء ثالث ليلا. ورأت الحركة انها قدمت تنازلات بتخليها عن مطلب سحب الجيش الحكومي من الجنوب، فيما قالت الحكومة بضرورة ابقاء الجيشين في مواقعهما وفصلهما بقوات دولية محدودة. وعلم ان النقاش اتخذ طابعاً فنياً بعد اتفاق قيادتي الجانبين على الإطار العام. واعتماد حدود الجنوب للعام 1956، وتجاوز مطالب الحركة بسحب الجيش الحكومي الى شمال خط العرض 13. وقال نافع ان الطرفين تجاوزا معظم مواضيع الخلاف المتعلقة باقتسام السلطة والترتيبات الأمنية، واكدا التزامهما بالمعايير الموضوعية التي اتفق عليها لاقتسام الثروة، لافتاً الى ان الحركة سلمت وفده ثلاث ملاحظات في شأن اقتسام السلطة "يمكن معالجتها" لكنه لم يفصح عنها. واعتبر الناطق باسم "الجيش الشعبي" سامسون كواجي ان مشاركة وزير الدفاع ومسؤولي الأمن والاستخبارات "دليل على جدية الحكومة في معالجة الترتيبات الأمنية"، وتوقع الفراغ من المفاوضات يوم الأحد المقبل. وسيتفق على موعد الجولة الثامنة للمفاوضات ويرجح ان تلتئم الاسبوع المقبل. وأعلن الحزب الحاكم سلسلة من اللقاءات تبدأ بمكتبه القيادي وشركائه في السلطة والاحزاب المسجلة كان مقرراً عقدها أمس، لكنها ألغيت بشكل مفاجئ. واجتمع الأمين العام للحزب الدكتور ابراهيم احمد عمر مع الرئيس عمر البشير ورفض عقب اللقاء الإدلاء بأي تصريح للصحافيين. واشارت تقارير واردة من نيروبي ان قرنق سيتوجه اليوم الى رمبيك في جنوب البلاد، كما وصلت الى كينيا فرق غنائية من الجنوب في اطار ترتيبات لتنظيم احتفالات بتحقيق السلام. وفي اسمرا، تحدثت مصادر معارضة قريبة من المفاوضات عن "تعثر جديد" في مسألة الترتيبات الأمنية التي تم تجاوز الكثير من نقاط الخلاف في شأنها بعدما استدعى طه وزير الدفاع اللواء بكري حسن صالح ونائب مدير جهاز الأمن اللواء محمد عطا وقادة عسكريين وأمنيين. ويطالب قرنق بسحب القوات الحكومية من الجنوب بعد ستة اشهر من توقيع الاتفاق، فيما تقترح الخرطوم فترة سنتين من توقيع الاتفاق لإكمال عملية اعادة انتشار القوات الى الشمال. واكدت المصادر ان "بإمكان الحركة الشعبية تقديم تنازل في قضية الترتيبات الأمنية اذا قبلت الحكومة ان تكون العاصمة قومية وخالية من التشريعات الاسلامية". وعقد "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض اجتماعاً ظهر امس في اسمرا. وذكرت مصادر ان "القلق يسود أوساط المعارضة من تحقيق تسوية سياسية بين قرنق والخرطوم تتجاوز التجمع الوطني"، ويعزز ذلك القلق السرية والتكتم على المحادثات التي استمرت ثمانية ايام من دون ورود اي اشارات رسمية الى نتائجها.