كلف الرئيس بشار الأسد امس رئيس مجلس الشعب البرلمان المهندس محمد ناجي عطري تشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة الدكتور محمد مصطفى ميرو. ومن المقرر ان يبدأ عطري اليوم مشاوراته مع أحزاب "الجبهة الوطنية التقدمية" والقادة السياسيين للحصول على مرشحيهم لشغل حقائب وزارية، وفق مبدأين وضعهما الأسد في بداية آب اغسطس الماضي: أولوية الاصلاح الاداري، والدقة الموضوعية لاختيار الأكفأ لشغل الحقائب التي يُعتقد بأن عددها سيخفض من 35 الى حوالى 25 حقيبة، بسبب دمج وجمع بعض الوزارات ذات الاختصاصات المتشابهة أو المتداخلة. وعلى عكس ما نشر عن احتمال تكليف رجل اعمال مستقل أو مغترب تشكيل ثاني حكومة منذ تسلم الأسد الحكم قبل ثلاث سنوات، أوكلت هذه المهمة الى عطري الذي دخل، قبل ثلاث سنوات القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم بعدما أمضى 34 سنة عضواً عاملاً فيه. وكان رئيس الوزراء المكلف تسلم منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات في آخر حكومة تشكلت قبل رحيل الرئيس حافظ الأسد في حزيران يونيو العام 2000، استناداً الى خبرته الادارية التي أظهرها خلال تسلمه منصب محافظ مدينة حمص وسط البلاد بين عامي 1993 و2000، ورئيس فرع نقابة المهندسين في مدينة حلب، مسقط رأسه، لدورتين في الثمانينات، ورئيس مجلس مدينة عاصمة الشمال السوري بين عامي 1983 و1987، باعتباره حصل على بكالوريوس هندسة من جامعة حلب العام 1967 وديبلوم في تخطيط المدن من هولندا العام 1972. واستناداً الى هذه المؤهلات واصل عطري 59 سنة ارتقاءه السياسي. اذ انتخب في آذار مارس الماضي رئيساً لمجلس الشعب بعد أول انتخابات برلمانية تجري منذ تولي الأسد الرئاسة في 17 تموز يوليو 2000. ومنذ ترؤس الأسد اجتماع "الجبهة الوطنية" في بداية آب الماضي واعطائه الضوء الأخضر للتغيير الحكومي، بدأت الصحف الرسمية مناقشة هذا الأمر وما هو متوقع من الحكومة الجديدة في بادرة هي الأولى في سورية. ويؤكد قرار تشكيل حكومة جديدة، بعد اجتماع القيادة القطرية ل"البعث"، ان الأولوية كانت لموضوع الاصلاح الاداري، اذ كان هناك خياران: انجاز مشروع الاصلاح الاداري واعادة الهيكلة ثم اجراء التغيير الحكومي أو انجاز قسم منه لتكمل الحكومة المقبلة المشروع، مما يعني ان حسم القيادة جاء لمصلحة الخيار الثاني. وكان خبراء فرنسيون قدموا في تموز الماضي تقريراً عن الاصلاح الاداري مع جملة من الاقتراحات، ليكون الخيار بينها على اساس الخصوصية السورية. وتردد وجود اقتراحات أولية لدمج وزارات ذات الاختصاصات المتداخلة أو جمع الوزارات المتشابهة في واحدة مثل الطاقة والنفط، والاقتصاد والمال، والري والزراعة، ما أدى عملياً الى احتمال خفض الحقائب من 35 الى 25 حقيبة وزارية مع بقاء صيغة وكيل وزارة أو وزير دولة. سياسياً، يتوقع ان يترك قرار القيادة القطرية الرقم 408 القائم على اساس "اختيار الأكفأ بصرف النظر عن الانتماء الحزبي" اثره في الحكومة، علماً ان حصة "البعث" الحاكم منذ العام 1963 انخفضت في حكومة ميرو الثانية تشكلت في كانون الأول/ ديسمبر 2001 من 26 الى 19 وزيراً لمصلحة ارتفاع حقائب "الجبهة" الى ثمان وحقائب المستقلين الذين كان ابرزهم وزراء الاقتصاد غسان الرفاعي الذي جاء من البنك الدولي، والصناعة عصام الزعيم الذي جاء من الأممالمتحدة والسياحة سعدالله آغا القلعة من "الجمعية السورية للمعلوماتية".