سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"تحلم" بالتحول إلى مركز تجاري اقليمي وتخطط لاستغلال جزيرة فيلكا سياحياً . الكويت تطالب واشنطن بالموافقة على "منطقة تجارة حرة" وتعرض عشرات الفرص الاستثمارية
انطلقت عجلة التخطيط لاستثمارات ضخمة في البنى التحتية الكويتية فضلاً عن مؤسسات في القطاع النفطي طالما تعرضت للتأجيل منذ نحو أكثر من عقد لأسباب متصلة بالهاجس الأمني الذي تمثل بالجار العراقي أيام نظام حكم صدام. وعجلة الاستثمارات تدور أولاً باتجاه تحضير الكويت لتكون مركزاً تجارياً اقليمياً، أي الدور الذي طالما حلمت به طيلة السبعينات وأوائل الثمانينات، لكن حروب "الجار" على إيران أولاً، ثم على الكويت نفسها ثانياً أجهضت الحلم الذي ما لبث أن تحول حقيقة في دبي والبحرين على سبيل المثال. يرتبط دور الكويت ارتباطاً وثيقاً بالوجود الأميركي في المنطقة، وذلك منذ "التحرير" الذي تبع الغزو العراقي في 1990، وستكون الولاياتالمتحدة، أو بالأحرى التعاون مع الولاياتالمتحدة، حجر الزاوية في بناء اقتصاد كويتي جديد قوامه الانفتاح على الاقليم والعالم. اقتراحات مغرية وفي جعبة رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي سافر إلى واشنطن، جملة اقتراحات مغرية للجانب الأميركي، ليس أقلها طلب انشاء منطقة تجارة حرة بين الكويتوالولاياتالمتحدة، على غرار الاتفاقات التي عقدتها واشنطن مع المكسيك وإسرائيل وسنغافورة وتشيلي والأردن. إلى ذلك، سيطلب الشيخ صباح خلال زيارته التي تبدأ اليوم، ويرافقه فيها وفد اقتصادي وزاري رفيع المستوى، خبرات أميركية لمشروع انشاء مستودعات جمركية وإدارتها في منطقة العبدلي الحدودية مع العراق، وسيتطرق البحث إلى دور أكبر للشركات الكويتية في عمليات إعمار العراق. ويعتبر الكويتيون أنهم "الأقرب والأولى بالمعروف" بالنظر إلى التسهيلات التي قُدمت لقوات "التحالف" قبيل الحرب على نظام صدام حسين وخلالها، التي عانى الكويتيون من أجلها في محيطهم العربي على نحو كاد يودي بعلاقات كويتية - عربية كثيرة. وفي جعبة صباح الأحمد أيضاً فتح الأجواء بين البلدين أمام شركات الطيران، والنقطة الأهم والمؤهلة لتكون صيداً ثميناً للأميركيين هي عرض عشرات الفرص الاستثمارية على الشركات الأميركية في البنى التحتية والنفطية الكويتية. وفي هذا المجال، سيلتقي وزير الطاقة الشيخ أحمد الفهد الصباح مسؤولين من الشركات النفطية الأميركية، لا سيما تلك التي تقدمت لتنفيذ مشروع تطوير حقول الشمال، وهي "شيفرون تكساكو" و"اكسيد انثال بتروليوم" و"أكسون موبيل" و"كونوكو فيليبس"، وهذه الشركات متقدمة كل واحدة بمفردها ضمن 3 اتحادات أو كونسورتيوم لعقود تصل قيمة الاستثمارات فيها إلى نحو سبعة بلايين دولار. ويُذكر أيضاً أن في وزارة الطاقة مشاريع أخرى للسنوات القليلة المقبلة لا تقل قيمة الاستثمارات فيها عن 6 بلايين دولار، وهي مد خط أنابيب الغاز القطري إلى الكويت لتغذية محطات الكهرباء والتحلية، وتبلغ كلفة المشروع نحو بليوني دولار، وهناك مشروع تطوير مرافئ تصدير النفط وكلفته 780 مليون دولار، وانشاء محطة تحلية مياه ضخمة 125 مليون غالون يومياً وكلفتها 4.3 بليون دولار، فضلاً عن محطات توليد كهرباء وتحلية مياه أيضاً في عدد من المشاريع الأخرى. تطوير الموانئ ولا تقف الاستثمارات المطروحة أمام الشركات الأميركية وغير الأميركية عند هذا الحد، إذ أن هناك مشاريع لتطوير الموانئ الشويخ والشعيبة إلى جانب اطلاق دراسة جدوى انشاء ميناء جديد في جزيرة فيلكا تقدر كلفته المبدئية بنحو 850 ميلون دولار. ويقول رئيس جهاز تنفيذ المشاريع الكبرى الوزير جاسم العون إن تطوير جزيرة فيلكا "يُعتبر هدفاً استراتيجياً". والميناء المقترح سيكون لاستيعاب الطلب على الحاويات في المستقبل المتوسط والبعيد، خصوصاً بعد انفتاح السوق العراقية. ويعد هذا المشروع نافذة تجارية أساسية للكويت على العالم على غرار منطقة جبل علي في دبي. ومع ذلك، يرفض معظم الرسميين الكويتيين أي مقارنة مع إمارة دبي، ولسان حالهم ان الكويت دولة تعمل وفق آليات دستورية، وإذا كانت تتطلع إلى دور اقتصادي وتجاري اقليمي، فهي محكومة بتوافق سياسي مطلوب لذلك وضمن مسلمات ال"مع" وال"ضد" السياسية التي تميز الكويت عن بعض دول المنطقة الأخرى. ويضيف هؤلاء: "لا شك في أن نجاح دبي يُعد نجاحاً خليجياً، لكن المقارنة في غير محلها". ما يُذكر بمقولات لبنانية مشابهة لدى مقارنة دور بيروت مع دور دبي! البورصة الاقليمية ومن "المنارات" الاقتصادية الكويتية المضيئة التي يعول عليها مشروع التوسع والانفتاح سوق الكويت للأوراق المالية البورصة. وعلى هذا الصعيد يدرس مجلس الوزراء حالياً تحويل البورصة الكويتية إلى مركز مالي اقليمي، وذلك عبر برنامج عمل طويل ملخصه الآتي: - ادراج المزيد من الشركات العربية والخليجية. - تنويع أدوات التداول لتشمل سوق الخيارات والبيوع الآجلة والمستقبلية. - تطبيق نظام اقراض واقتراض الأوراق المالية. - وضع نظام متكامل لسوق السندات وأدوات الدين. على صعيد آخر، اكتشف الكويتيون جدوى الاعتماد على نظام "البناء والتشغيل ثم التحويل" B.O.T ويمضون قدماً في تلزيم عدد من المشاريع الكبرى بهذه الطريقة المستودعات الجمركية في العبدلي، المناولة في المطار، محطات التحلية ومعالجة المياه. مشاريع السياحة وإذا كان الهدف الأول والأخير هو انفتاح البلاد على العالم بعد عقدين من الانغلاق والتقوقع المفروض عليهم، فإن الكويت تخطط لمستقبل سياحي برؤية عملاقة بغض النظر عن المعوقات السياسية التي تغشى هذه الرؤية. وفي هذا المجال، طرحت مشاريع تطوير جزيرة فيلكا لتكون قبلة سياحية قل نظيرها في منطقة الخليج ما عدا دبي. والمشاريع تشمل بناء عشرات الفنادق والمنتجعات والمدن الترفيهية والشاليهات والمناطق السكنية الفاخرة، وكل ذلك بطريقة B.O.T، علماً بأن الكلفة المقدرة لا تقل عن 10 بلايين دولار. في مقابل كل هذه المشاريع والخطط، تقف بعض السدود المنيعة التي وضعت لجنة وزارية مختصة اصبعها على جروح معظمها كالآتي: 1- تعقيدات اجراءات الاستيراد والتصدير والترانزيت. 2- انغلاق القطاع المصرفي انعدام الاستثمار الأجنبي فيه. 3- تعقيدات اجراءات دخول البلاد وعقبات الحصول على تأشيرة الدخول فيزا، الأمر الذي يعيق حركة قدوم رجال الأعمال والمستثمرين. 4- الضرائب العالية 55 في المئة المفروضة على الاستثمار الأجنبي. 5- تأخير إقرار قانون التخصيص في مجلس الأمة. 6- سياسات الدعم التي أضحت الكويت من الدول القليلة جداً في تطبيقها، لا سيما دعم أسعار عشرات السلع والخدمات والرعاية الاجتماعية المكلفة جداً وللمثال، لا تزال الكويت تعمل وفق مادة غريبة في الدستور تكفل العمل لكل مواطن… مهما كانت الكلفة. 7- ضعف القطاع الخاص المحلي في مجالات الكهرباء والمياه وخدمات الهاتف الثابت والبريد والنقل. ويعود نقص الخبرة في هذه المجالات إلى احتكار الدولة لهذه القطاعات. إلى ذلك، ثمة ضعف في الاستثمار النفطي المتاح للقطاع الخاص. ففي بلد نفطي كالكويت لم تقم شركات خاصة لتراكم خبرات في هذا القطاع الذي بقي حكراً على الدولة وتعاقداتها مع الشركات الأجنبية. تبقى الاشارة إلى أن الميزة التفاضيلة التي يعتز بها الكويتيون في شأن نظامهم السياسي تقف في مرات كثيرة أمام تطلعاتهم. ويقول أحد أكبر الخبراء الاقتصاديين ل"الحياة" فضل عدم ذكر اسمه: "كيف لنا المضي قدماً في انفتاح اقتصادي وتجاري وسياحي، وهناك مجموعات سياسية قوية وضاغطة شعبوية وإسلامية تمطر الحكومة بأسئلة واستجوابات برلمانية "غريبة ومسلية".