أخيراً جوني هاليداي في بعلبك. حلم يتحقق لمئات من معجبيه الذين تهافتوا الى مدارج جوبيتر لثقب طبلات آذانهم بصراخه وطبوله وأوتاره الكهربائية، فكان لهم ما أرادوا "مع حبة مسك"، كما يقول المثل. اللافت في ظاهرة هذا الستيني المستمرّ منذ الستينات من القرن الماضي، انه قفز فوق متناقضات ثقافية وفنية كثيرة، وأسس لنفسه لوناً، له أتباعه في العالم الفرنكوفوني. ربما كرد فعل عصبي على اكتساح الوتر الانكلوسكسوني دنيا الأغنية الشعبية في العالم. الفارق ان البيتلز والرولينغ ستونز وغيرهم، خصوصاً بوب ديلن، اخترقوا الثقافات الاخرى بما فيها الفرنسية... اما هاليداي فبقي "رد فعل" مبحوحاً، يصرخ ويضج وفي أفضل أغانيه يقلّد الارجوزة الفرنسية التقليدية، الا انه لم يتمكن من اختراق جدار اللغة كما فعل جاك بريل وشارل أزنافور وليو فيرّي، وغيرهم... اذ وصلت أغانيهم الشعرية الى الجمهور العالمي. مشكلة جوني هاليداي ان فنّه يشبه التقليد حتى عندما يكون أصيلاً. صحيح ان إطار بعلبك منحه هالة عززتها نفحات الغيوم الاصطناعية الملوّنة والاضاءة الصاعقة، الا ان "شيئاً من تينيسي" و"لا تنظر اليّ هكذا" كغيرهما من أغانيه وموسيقاه تحيل المستمع الى فنانين أكثر أصالة وإبداعاً. مع ذلك اهتاج جمهور بعلبك وتقافز وتلوى "وتهزهز" بما فيه الكفاية، ترحيباً بهاليداي في عيد ميلاده الستين.