يحتفل جوني هاليداي الذي أمضى حياته على خشبات المسارح بعيد ميلاده السبعين في حفلة ضخمة تقام في باريس غداً، وهو نجم الروك الوحيد الذي يُسقط الفرنسيون منذ أكثر من خمسين سنة شغفهم الشخصي والسياسي عليه. فجوني صاحب الشعر الأشقر والعينيين الزرقاوين المائلتين إلى الخضرة واللوزيتي الشكل والصوت الأجش والعضلات الظاهرة، يغني منذ 50 سنة الحب وكل مشاكله في كل أغانيه التي تستمد جذورها من البلوز. إلا أن هذا الفنان المشبع بالثقافة الأنغلوساكسونية والذي يعتقد أنه أطلق جيمي هندريكس في فرنسا عام 1966، لم يدخل يوما في نادي الفنانين الفرنسيين القلائل الذين حققوا نجاحاً مادياً في الخارج (ميراي ماتيو وشارل أزنافور وإيف مونتان...). يؤيد جوني بأسف ما كان يقوله جون لينون بأن الروك الفرنسي عديم الطعم بالنسبة إلى الذواقة. ويلخص الكاتب مارك لامبرون في مجلة «فيغارو ماغازين» الوضع بقوله: «على رغم تسجيلاته المتكررة في تينيسي وجولاته على دراجات هارلي ديفيدسون وعصبات الرأس على طريق الهنود الحمر والإقامة في فيلات مبنية على الطراز المعماري في تكساس، فإن ثمة شيئاً ما يجعله يلتصق بالأرض الفرنسية». ولد جوني هاليداي في 15 حزيران (يونيو) 1943 من أب بلجيكي وترعرع في وسط فني. واكتفى جان-فيليب سميت (وهذا اسمه الأصلي) في الستينات في فرنسا الخارجة من آخر حروبها الاستعمارية في الجزائر، باستيراد رياح الحرية التي كان تهب على كارنابي ستريت في لندن وحرم الجامعات الأميركية على أنغام السوينغ والروك والتويست واليي يي. وكان ألفيس الفرنسي يغني يومها: «يقال عني إني معبود الشباب». وسريعاً أصبحت حياته ملكاً للفرنسيين الذين لحقوا به إلى صفوف الجيش عام 1964 أو إلى زواجه من المغنية الشقراء من أصل بلغاري سيلفي فارتان. وغذت حياته الشخصية شهرته وساهمت في بيع أكثر من مليون نسخة من 45 أسطوانة أصدرها. فهو تزوج خمس مرات من سيلفي فارتان وبابيت إتيان (استمر ثلاثة أشهر) وادلين بلونديو (تزوجها مرتين) وليتيسيا بودو منذ عام 1996 والتي تصغره ب33 عاماً، وحاول الانتحار عام 1966. ووقع في غيبوبة وأصيب بانهيار عصبي وبعث من جديد في 2009-2010. ولديه أربعة أطفال هم المغني دافيد (من سيلفي فارتان) والممثلة لورا المولودة من علاقة مع الممثلة ناتالي باي وجايد وجوي، وهما فيتناميتان تبناهما مع زوجته ليتيسيا. ويقول الكاتب دانييل روندو: «بسبب كل التجاوزات التي ارتكبها من كحول ومخدرات وزيجات فاشلة فان الفرنسيين يسامحونه على الأشياء التي يسامحون أنفسهم عليها». لكن الأمر لا ينطبق على الجميع، فجوني هاليداي الذي جرب التمثيل في السينما أيضاً، يثير مشاعر نبذ متطرفة في صفوف مثقفي اليسار بسبب دعمه لرئيسين ديغوليين يمينيين سابقين هما جاك شيراك ونيكولا ساركوزي واعتماده سويسرا عنواناً ضريبياً. ورد في كتاب بعد انتخاب الاشتراكي فرنسوا هولاند رئيساً لفرنسا أن اليسار «يدفع إلى الخمول»، مضيفاً: «غالباً ما قيل إنني تركت البلاد كي لا أدفع الضرائب هذا الأمر صحيح جزئياً لكن السبب الآخر هو أن هذا الجو متعب (...)، في فرنسا النجاح يثير الشبهات ويجدون أنه مقرف». قد لا يحظى جوني بالإجماع السياسي، إلا أنه يجمع حول شخصه كل فئات المجتمع الفرنسي كباراً وصغاراً. فتلتقي في حفلاته ثلاثة أجيال من المتقاعدين الذين اكتشفوا الروك معه إلى أحفادهم مروراً بالأهل الذين يحنون إلى فترة تعاونه وصداقته مع أبرز الأسماء في المنوعات الفرنسية من أمثال ميشال بيرجيه وجان-جاك غولدمان وغيرهما.