فيما كثفت واشنطن ضغوطها من اجل انقاذ حكومة محمود عباس ابو مازن، معتبرة ان حجب الثقة عنها "سيعتبر تصويتا ضد الرئيس جورج بوش"، شهد امس أول صدام علني على مراكز القوة بين الرئيس ياسر عرفات ورئيس حكومته عندما تحدى مسلحون من "فتح" قرار الحكومة تعيين صخر بسيسو رئيسا لديوان الموظفين بدلا من محمد عبدالعزيز ابو شريعة الذي يدعمه عرفات، وحالوا دون تسلم بسيسو مهام منصبه. راجع ص 5 و6 وبينما احتدمت الازمة بين الرئيس عرفات ورئيس حكومته، نفذت اسرائيل عملية اغتيال جديدة، هي الخامسة خلال عشرة ايام، راح ضحيتها عضوان في "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس قرب مخيم البريج في قطاع غزة. كما واصلت توغلاتها وحملات الاعتقال في الضفة الغربية. وخيمت اجواء من التوتر امس على مدينة غزة عندما تجمع اكثر من مئة مسلح من "فتح" عند باب مقر ديوان الموظفين ومنعوا الرئيس الجديد، بسيسو، من تسلم منصبه، في تحد لقرار تعيينه الذي اتخذته الحكومة الاربعاء الماضي في اطار ما تسميه "عملية الاصلاح في هياكل السلطة". وفي المقابل، سمح المسلحون لابو شريعة المعزول بالوصول الى المقر بناء على قرار من عرفات، حيث اعلن ابو شريعة للصحافيين ان الرئيس عرفات اتصل به هاتفيا ليل الجمعة - السبت، وقال له: "ابق في مكانك... لا احد يستطيع ان يغيرك"، فيما قال مسلحون انهم يعملون على "تثبيت قرارات الرئيس بغض النظر عن الاشخاص". واعتبر مراقبون الازمة "مناكفة" جديدة في سلسلة المناكفات بين رئاسة السلطة ورئاسة الحكومة، لكن اخرين اكدوا انها في صميم الصراع على مراكز القوة، مشيرين الى اهمية هذا المنصب الذي يتضمن الاشراف على رواتب نحو 70 الف موظف حكومي. وفي ظل اشتداد الخلافات، علمت "الحياة" ان اجتماع المجلس التشريعي الذي كان متوقعا غدا لن يعقد قبل التوصل الى "صيغة توفيقية" بين عرفات وابو مازن في قضية توحيد الاجهزة الامنية المختلف عليها. في غضون ذلك، تحدثت مصادر صحافية اسرائيلية عن ضغوط اميركية من اجل انقاذ حكومة ابو مازن. وكتبت صحيفة "يديعوت احرونوت" على موقعها على الانترنت ان مسؤولين اميركيين التقوا نوابا في المجلس التشريعي الفلسطيني من كتلة "فتح" واكدوا لهم ان "تصويتهم لمصلحة حجب الثقة عن ابو مازن سيعتبر تصويتا ضد الرئيس بوش". وكان نواب من "فتح" اكدوا ل"الحياة" ان مسؤولا اميركيا نقل رسالة اليهم من وزير الخارجية الاميركي كولن باول تعبر عن "قلق" الادارة على مستقبل عملية السلام و"تخوفها" من حجب الثقة عن الحكومة.