على رغم توقف أبرز الصحف المستقلة في الجزائر عن الصدور إلا أن احتجابها عن الأسواق منذ أسبوع وفّر لها جمهوراً جديداً غير الذي ألفته منذ انطلاقها قبل سنوات. وكانت الحكومة قررت وقف طباعة الصحف المستقلة "لوماتان" و"لوسوار دالجيري" و"لكسبرسيون" و"الرأي" الناطقة بالعربية. وعادت نهاية الأسبوع الماضي يوميتا "الخبر" و"ليبرتي" إلى الصدورمجدداً بعد تسوية الفواتير مع المطابع الحكومية. وترفض الصحف المستقلة اعتبار قرار وقف طباعتها تجارياً "كون العقود التي تربطنا بالمطابع تمنحنا فترة شهرين لتسوية المستحقات"، مثلما يذكر أحد مدراء "الخبر". ولجأت غالبية الصحف المعنية بالقرار، منذ وقف طباعتها، إلى "الجمهور الإلكتروني" الذي اتجه الى قراءتها في محلات خدمة الإنترنت. وفي حين تكتفي يومية "لوسوار دالجيري" بنشر الأخبار المتعلقة بالأحداث المستجدة على الصعيد السياسي، تركّز يومية "لوماتان" على الحديث عن "معاناة" الصحافة و"التهديدات المستمرة ضد حرية التعبير". ويقول بدرالدين منعة، مدير تحرير "لوسوار دالجيري" ان هذا الوضع "أصبح عادياً بالنسبة الينا، لأن الحكومات المتعاقبة منعتنا من الصدور مرات عدة لأسباب مختلفة". لكنه يستدرك معترفاً بأن هذا الوضع "لم يعتد عليها الصحافيون الشباب الذين التحقوا بالجريدة حديثاً". أما يومية "الرأي" التي يدرجها خصومها في صف الإسلاميين عموماً و"جبهة الإنقاذ" خصوصاً، فقد اختارت أن تتبنى أسلوب "المعلقات"، إذ تعرض يومياً هذه اليومية التي تصدر من وهران 450 كلم غرب الجزائر صفحاتها الأساسية على واجهة جدار دار الصحافة ومكاتبها في الولايات لتمكين قرائها من مطالعة مقالاتها التي أضحت "تُقلق السلطات"، كما قال جمال لعلامي أحد أبرز محرري القسم السياسي فيها. لكن صحيفة "ليبرتي" التي عادت الى الصدور بعدما دفعت أكثر من 17 بليون سنتيم ما يعادل 18،2 مليون دولار فقد فضلت تبني "أسلوب جديد" مع بعض الصحف المعلقة. ومنذ الخميس الماضي تنشر هذه اليومية صفحتين من "لوماتان" و"لوسوار دالجيري" المنافستين لها تحملان مقالات تنتقد في حدة أداء حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ووزير الداخلية يزيد زرهوني الرجل القوي سابقاً في جهاز الاستخبارات العسكرية. أما "لكسبرسيون" التي تبنّت أخيراً سياسة جديدة مستقلة عن محيط الرئيس الجزائري بعدما كانت محسوبة عليه، فقد تبنت أسلوب "البيانات" والندوات الصحافية لإثارة وضعها. فقد أصدرت بلاغات انتقدت فيها قرارت جديدة للحكومة إيفاد فرق من الضرائب ومفتشية العمل الى مقرها بهدف فرض عقوبات جديدة قد تحول دون عودتها الى الصدور مجدداً. أما يومية "لوماتان" التي دفعت كامل مستحقاتها للمطابع الحكومية والتي تقدر ب13 بليون سنتيم، فقد اشتكت من "التحرشات الشخصية" التي يمارسها ضدها وزير الداخلية يزيد زرهوني. وأعلنت الصحيفة، أمس، أن أجهزة الأمن جمدت حساباتها المصرفية. وفي هذا الإطار، أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني ان مصالحها استمعت أمس إلى مدير "لوماتان" محمد بن شيكو عن مصدر مستندات مالية كانت في حوزته عندما عاد من باريس الأحد الماضي قبل أن ينقل لاحقاً إلى المدعي العام الذي استمع إليه.