التوصية الختامية لاجتماع النواب العموم العرب في نيوم لعام 2024    البديوي يرحب بتبني الأمم المتحدة لقرار بشأن التزامات إسرائيل المتعلقة بأنشطة الأمم المتحدة والدول الأخرى لصالح الفلسطينيين    محمد آل فلان في ذمة الله    ( اللواء ال جابر ) في ذمة الله    ضيوف خادم الحرمين يشيدون بعناية المملكة بكتاب الله طباعة ونشرًا وتعليمًا    مونديال ( 2034 ) السعودي    مراكز سورية لتسوية أوضاع جنود وضباط النظام السابق    ضبط 20159 مخالفاً خلال أسبوع وترحيل 9461    2034 العالم يتجه نحو السعودية    مدرب المنتخب السعودي: لن نشارك في خليجي 26 بهدف التجربة    ضيوف الملك من "البوسنة": مواقف المملكة مشهودة    القبض على مقيم بالطائف لترويجه مادة "الشبو"    من هو مرتكب حادثة الدهس في ألمانيا ؟    أمريكا تنجو من كارثة «شلل» الحكومة الفيدرالية    أمطار خفيفة على جازان وعسير والباحة    المملكة ومصر .. شراكة استراتيجية تضخ استثمارات ب15 مليار دولار    انطلاق مؤتمر جمعية "علوم المختبرات" في الرياض .. غدا    المملكة تدين حادثة الدهس التي وقعت في ألمانيا    وزير الطاقة يرعى الحفل الختامي لجائزة كابسارك للغة العربية    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    حضور ثقافي كبير في أول أيام ملتقى القراءة الدولي بالرياض    230 فارساً وفارسة يتنافسون على كأس التحدّي للقدرة والتحمل في الرياض    القوات الخاصة للأمن البيئي تواصل استقبال زوار معرض (واحة الأمن)    «الجوهرة».. أيقونة رياضية بمعايير عالمية تحت الأضواء في «كتاب جدة»    "الهجّانة" والمركبات الكهربائية.. التاريخ والمستقبل    البرنامج الثقافي لمعرض جدة للكتاب يسلط الضوء على علاقة الفن بالفلسفة    سينما الخيال العلمي في العالم العربي.. فرص وتحديات في معرض الكتاب    تاليسكا يؤكد اقتراب رحيله عن النصر    اليوم ليلة الحسم في المملكة أرينا: ومواجهة أوسيك وفيوري لتوحيد ألقاب الوزن الثقيل    الأمم المتحدة: الأزمة الإنسانية في السودان «غير مسبوقة»    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    ضبط يمنيين في عسير لترويجهما (64) كجم "حشيش"    ضيوف الملك من "الجبل الأسود" يشيدون بجهود المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين    توقيع مذكرة تعاون بين النيابة العامة السعودية والأردنية لتعزيز مكافحة الجريمة والإرهاب    شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع يهنى القيادة الرشيدة بمناسبة افتتاح كورنيش الهيئة الملكية في بيش    نائب رئيس نيجيريا يغادر جدة    الأمير محمد بن ناصر يفتتح شاطئ الهيئة الملكية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية    %20 من المستثمرين شاركوا في الاكتتابات العامة بالمملكة    مدير عام الشؤون الإسلامية في جازان يتفقد مسجد العباسة الأثري بمحافظة أبي عريش    وزارة التعليم تنظم ورشة عمل "المواءمة مع التغيير والتحول في قطاع الخدمات المشتركة" في جازان    إمام الحرم المكي: الرسل بعثوا دعاة إلى الخير وهداة للبشر    البدء بأعمال صيانة جسر تقاطع طريق الأمير نايف مع شارع الملك خالد بالدمام ... غدا السبت    الدفاع المدني السوري: «تماس كهربائي» أشعل نيران «ملعب حلب»    5 إستراتيجيات لإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا    لسرعة الفصل في النزاعات الطبية.. وزير العدل يوجه بتدشين مقر دوائر دعاوى الأخطاء المهنية الصحية    الحصبة.. فايروس الصغار والكبار    مدربون يصيبون اللاعبين    تقطير البول .. حقيقة أم وهم !    «سكن».. خيرٌ مستدام    السعوديون في هيثرو!    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء ينقذ مراجعاً عانى من انسداد الشرايين التاجية    أدوية إنقاص الوزن قد تساعد في القضاء على السمنة لكن مخاطرها لا تزال قائمة    انفراد العربيّة عن غيرها من لغاتٍ حيّة    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    التجارة تضبط 6 أطنان مواد غذائية منتهية الصلاحية بمستودع في جدة    وزير الدفاع يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الأسترالي    د. هلا التويجري خلال الحوار السعودي- الأوروبي: المملكة عززت حقوق الإنسان تجسيداً لرؤيتها 2030    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 25 - 08 - 2003

تقول العائلة انني أرهقت القراء بالكتابة السياسية، يعني ارهقتها هي، وأنهم بانتظار موضوع خفيف، يعني انها تنتظر موضوعاً خفيفاً، وأنا صاحب الكلمة الأولى الأخيرة في البيت والعمل وما بينهما إلا انني "مش متعصب" لذلك:
تقضي اسرتي اجازة الصيف في فرنسا، وأنا أزورها اسبوعاً، وأعود الى العمل اسبوعاً، وهذا يعني في علم الحساب انني اقضي نصف الوقت مع الأسرة ونصف الوقت في العمل. إلا ان حساب الحقل لا ينطبق على حساب البيدر، فقد وجدت انني أقضي ثلث الوقت مع الأسرة وثلث الوقت في العمل وثلث الوقت في مطار لندن.
قبل ايام كنت عائداً الى فرنسا وقرأت في الطائرة موضوعاً عن كتاب جديد بعنوان "لعنة آدم" من تأليف بريان سايكس يقول ان جنس الذكور سينقرض، وأنه لن يبقى في العالم سوى اناث.
وثمة ملاحظات سريعة، فالكتاب ليس من نوع الخيال العلمي لأن مؤلفه بروفسور في اكسفورد واختصاصه علم السلالات البشرية، ثم ان لا خوف على معظمنا من نهاية جنس الذكور، فالمؤلف يقول ان النهاية ستأتي بعد حوالى 125 ألف سنة، ما يعني اننا سنكون جميعاً رحلنا عن ظهر البسيطة، ولم يبق عليها سوى اخينا ابو عمار ومعه بعض قادتنا الأشاوس. وإذا سمح لي القارئ فقد أزيد ملاحظة ثالثة هي ان التغيير المتوقع حول العالم وقع فينا فعلاً لأن الأوضاع العربية تثبت انه لم يعد بيننا رجال.
الكتاب علمي جداً، كما يبدو من عرضه، وكل طالب علوم والقارئ لا بد سمع عن الحمض النووي والكروموزوم "واي" الذي يحدد جنس حامله، ويعطي الرجل القوة، مقابل كروموزوم "اكس" عند النساء.
الرجال الأقوياء، مثل الرؤساء الأميركيين ينجبون من الذكور اكثر من الإناث، وهم من جورج واشنطن الى جورج بوش الابن انجبوا 90 ولداً و63 بنتاً، غير ان البروفسور سايكس يؤكد ان ابحاثه التي نذر حياته العملية كلها لها تظهر ان الكروموزوم "واي" يتراجع، وقد بدأ يضعف ويتفكك، وسيأتي وقت لن يبقى فيه على وجه الأرض سوى نساء، يستطعن التوالد بتغيير تدريجي في وظائفهن العضوية.
أترك العلم لأصحابه، فأنا والقارئ اصحاب شعر وقد قلنا مع الشاعر القديم:
كتب القتل والقتال علينا
وعلى الغانيات جر الذيول.
ولا أتراجع عن هذا القول، ولكن ازيد ان العالم من دون رجال يعني وجود نساء سمينات سعيدات بالسمنة، ولا حروب.
طبعاً نحن في زمن نعجز فيه احياناً عن التفريق بين رجل وامرأة، والقاعدة هنا انه اذا لم تعرف، هل امامك رجل او امرأة لا تسأل. والقاعدة الثانية ألا تسأل امرأة هل هي حامل فقد تكون سمينة فقط. وهذا كله يذكرني بطرفة كنا نرددها ونحن اولاد صغار، هي كيف تعرف هل الطير على شجرة ذكر او انثى؟ والجواب: إذا طار يكون ذكراً، وإذا طارت تكون انثى.
الموضوع ضم، إضافة الى عرض الكتاب "لعنة آدم"، زاوية عن العالم من دون رجال، قالت ان النساء سيكنّ تعيسات فعلاً لأنه لن يوجد رجال يحملونهم مسؤولية تعاستهن، وستكثر الحشرات في المرحاض التواليت لأن النساء لن يجرأن على سحقها، والبيت سيكون مليئاً بأجهزة لم تستطع النساء إكمال تجميعها، والسيارات ستملأ الطرق وتعرقل السير لأن النساء لا يعرفن كيف يقرأن خريطة الطريق، وراقصات "الستربتيز" سيفلسن، وجمعيات الدفاع عن حقوق المرأة ستغلق ابوابها. ومن ناحية اخرى، فالنساء لن يحتجن الى ارتداء ثياب ضيقة تمنع التنفس ليغرين الرجال، وسيصبح التسوق الرياضة المفضلة، ولن ينسى عيد ميلاد اي امرأة، وسترتدي الجنديات ثياباً اجمل، وتحل النزاعات الدولية بالصراخ لا الحرب.
كل ما سبق معقول، وأزيد من عندي ان غياب الذكر سيعني غياب كل الطرف المتبادلة عن تفوق هذا الجنس او ذاك، من نوع ان الرجل الذي يفقد 99 في المئة من عقله اسمه ارمل، او ان يطلب الجمال لا العقل لأنه يرى افضل مما يفكر. وكنت سمعت امرأة تقول ان زوجي يستطيع التكلم في اي موضوع. هو لا يفهم الموضوع ولكن يستطيع الكلام فيه. وقالت اخرى ان زوجها لا يفكر في عشاء على ضوء الشموع إلا اذا انقطعت الكهرباء.
القارئ يعرف ان الكهرباء انقطعت عن ثماني ولايات في شمال شرقي الولايات المتحدة وجنوب كندا، وهذا يعني ان تزيد نسبة الولادة في شكل ملحوظ بعد تسعة اشهر، فقد سجلت زيادة بعد انقطاع مماثل للكهرباء في الستينات وآخر في السبعينات. وربما يفسر هذا سبب ان قطاع غزة يحمل الرقم القياسي في نسبة زيادة السكان، فلو ان الإسرائيليين لم يقطعوا الكهرباء، وزودوا الفلسطينيين بأسباب التسلية، لاستطاعوا ان يحلوا اكبر خطر على وجود اسرائيل، وهو تكاثر الفلسطينيين.
غير انني أعود الى البروفسور سايكس وكتابه، فالرجل لا يهذر، وربما لا يعرف الهذر بصفته بروفسور من جامعة عريقة، ومع ذلك أسجل ومن دون ان ادعي العلم ان البروفسور يتحدث عن شيء سيقع بعد 125 ألف سنة، اي عندما لا يكون بقي احد يحاسبه على مدى صحة كلامه. وأستطيع مثلاً ان اكتب كتاباً موضوعه انه بعد 125 ألف سنة سيقوم جنس ثالث، لا انثى ولا ذكر، وأقبل ان أسجن وتصادر املاكي إذا لم يثبت صدق بحثي العلمي الدقيق هذا.
طبعاً، اسهل على الناس ان يصدقوا عالم سلالات من اكسفورد من ان يصدقوا صحافياً عربياً، لا يصدق نفسه، ولا يتوقع بالتالي ان يصدقه الناس. وهكذا اعود الى الهذر فقد سمعت عن رجل تعرف الى امرأة حسناء في ناد ليلي، وهي قالت له انها تحب قبل ان يطلعا معاً ان تعرض عليه صورة. وبالفعل اخرجت صورة لشاب وسيم من حقيبتها فسألها الرجل: هل هو زوجك؟ وقالت: لا. وسألها: هل هو صديقك؟ وقالت: لا. وسألها: هل هو اخوك؟ وقالت: لا. وسألها: من هو اذاً؟ وردت: هذا انا قبل اجراء عملية تغيير الجنس.
ربما كان الجنس الثالث معنا من دون ان ندري، وفكرتي عنه قديمة بالية، او هي من نوع سخيف كشاب بقي يسأل صديقته هل هناك احد غيره وأخيراً ردت تقول: لو كان هناك غيرك هل كنت طلعت معك؟
هذا الجدل سينتهي عندما ينتهي جنس الذكور. اما الآن فأعترف بأنني راض بوضعي ذكراً، فهذا يعني انني أستطيع ان أطلق شنبي اذا شئت، وأن اسم عائلتي لا يتغير بزواج او طلاق، وأنني استطيع ان افتح علبة من دون مساعدة، وأن المرأب الكراج لي وحدي، وأن "موضة" الشعر او الثياب لا تتغير مرتين في السنة، وأن ثلاثة احذية تكفي وتزيد، وأنني انهي كل مهاتفة في اقل من 30 ثانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.