عمران عبدالرحيم وصل إلى روسيا طالباً في أكاديمية الطب، وخرج منها… "متطرفاً يحض على العنف". وغدا تلفيق الأدلة من أجل الترويج ل"الإرهاب العربي" صنعة "تفننت" فيها الأجهزة الخاصة. ويعد كل حادث "يُكشف" مادة دسمة لتغذية الحملات الإعلامية المعادية للعرب والمسلمين. ولا يكاد أن يمر وقت في روسيا من دون أن تطلع وسائل الإعلام بتقارير مثيرة عن نشاط أبناء الجالية العربية، الموجه نحو التحريض على العنف والتطرف. وغدا البحث عن "الأثر العربي" قاعدة أساسية لدى مناقشة مواضيع الإرهاب، وشهدت الفترة الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في عمليات ملاحقة مواطنين عرب بتهمة الانتماء إلى تنظيمات متطرفة. وقالت ل"الحياة" مصادر في موسكو إن كثيرين منهم ابعدوا من الأراضي الروسية من دون ابداء سبب، وطاولت هذه العمليات ناشطين في الجمعيات الخيرية والإنسانية، لكنها بدأت أخيراً تأخذ منحى جديداً بعدما وصلت إلى أوساط طلاب المعاهد الروسية. وأعلنت الأجهزة الأمنية أخيراً طرد الأردني عمران عبدالرحيم، وهو طالب في أكاديمية الطب في مدينة كراسندار الروسية، بتهمة حيازة "مطبوعات تحرض على الإرهاب". واللافت ان وسائل الإعلام الروسية تسابقت على "اثبات التهمة"، وأشارت وكالة "نوفوستي" إلى توجهات عمران "الأصولية" و"حضه على العنف والتطرف"، فيما بثت محطة "تي في تي" تقريراً مصوراً من مسكنه، خلال عملية تفتيش نفذتها الوحدات الأمنية، و"عثرت" خلالها على صناديق تحوي "عشرات الأدلة" مثل كتب وأشرطة مسموعة ومرئية، ذكِر انها تحرض على العنف. وأفادت المحطة أن الطالب في السنة الجامعية الرابعة تخصص في توزيع هذه المواد. لكن المثير أن الحديث عن الأدلة المزعومة لم يرد في أي وثيقة رسمية. وبعث مدير الأمن العام في مدينة كراسندار، اليكسي زافادسكي، برسالة إلى السفارة الأردنية في موسكو، ربطت طرد عمران بمخالفات في أوراقه الثبوتية. ولم تحصل السفارة على أدلة تثبت تورط المواطن الأردني بنشاطات متطرفة النزعة، على رغم توجيهها رسائل إلى الجهات المختصة. وقالت ل"الحياة" مصادر إسلامية في موسكو، ان ظاهرة تلفيق الاتهامات ضد عرب ومسلمين غدت طبيعية، وفق "سيناريو واحد": دعوة صحافيين إلى تصوير أدلة لا تلبث أن تختفي بعد الانتهاء من التحقيق في القضية. واعتبرت المصادر أن هدف هذه الحملات يوجه معظم الأحيان نحو "الاستهلاك المحلي"، خصوصاً في ظل الاخفاق في انهاء الصراع في الشيشان، وتنامي مشاعر القلق بسبب تدهور الوضع الأمني داخل المدن الروسية. وأشارت إلى أن "انجازات" الأجهزة الخاصة في مواجهة خطر "التطرف العربي والإسلامي"، تحولت مادة أساسية لتغذية حملات إعلامية، تهدأ حيناً وتشتد أحياناً أخرى.