يحفظ الصيف الحالي بالتأكيد الذكرى الأجمل للشابة الإماراتية الشيخة ميثاء بنت محمد بن راشد آل مكتوم بعدما تسلمت في 15 الجاري حزامها الأسود في رياضة الكاراتيه، وعادت أخيراً برفقة خمسة من زميلاتها موشحين بالذهب من البحرين حيث قادت منتخب بلادها إلى احتلال المركز الأول في بطولة مجلس التعاون الأولى للعبة للسيدات. وهنا تواصل ملء الألعاب الفردية الفراغ الناتج من انحدار المنتخب الإماراتي إلى قاع الترتيب العالمي للاتحاد الدولي الفيفا وصولاً إلى المركز 98 عبر غلة الذهب في بطولة مجلس التعاون للكاراتيه وبرونزية مسابقة الوثبة الثلاثية في بطولة العالم الأخيرة للناشئين، والتتويجات العربية في الشطرنج ورياضة المعوقين. أما الظاهرة اللافتة فتمثلت في إلقاء نساء الإمارات الحجارة الأولى في المياه الراكدة للرياضات الخاصة بفئتهن، واكبها مبادرة تنظيمهن ندوة عن "رياضة المرأة: الواقع والطموح" في 17و18 حزيران يونيو الماضي، عكست جسر تواصل مع فكرة أخواتهن في قطر ومصر والبحرين. لم يكن مؤتمراً تأسيسياً ولكنهن رفعن الصوت عالياً في رفض المشي كالسلحفاة والمطالبة بحق الرياضة للجميع في ظل احترام العادات والتقاليد كما جاء في كتابهن. ودعت الندوة إلى تعزيز الرياضة المدرسية باعتبارها ركيزة نشر الرياضة لدى الشابات اللواتي يجدن حرجاً في ارتياد النوادي، وأكدت نصيب الجنس الناعم في التمثل في اللجنة الأولمبية المحلية، وتبنت تأسيس جمعية أو اتحاد رياضي مستقل يرعى رياضة المرأة ويعمل على تطويرها والانطلاق بها إلى أعلى المستويات". لا شك في أن بعض هذه التوصيات سيرى النور ويتجسد على أرض الواقع، في حين ستصطدم مطالب أخرى بثقل الموروث وغياب البنية الأساسية التحتية و"غيرة" الرجال. وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن إمارة دبي شهدت في بداية السبعينات من القرن الماضي تأسيس أول جمعية نسائية في الإمارات. واعتبر نادي الشطرنج في الشارقة للفتيات أول نادٍ رسمي في البلاد. كما اضطلعت شابات العائلات الحاكمة بدور رائد في النشاطات الرياضية المحلية عبر ظاهرة مختلفة عنها في بقية الدول العربية تجسدت في عدم سعيهن فقط إلى اعتلاء المناصب الإدارية من أجل شحذ همم فتيات الطبقات الوسطى لتحقيق الإنجازات المحلية والعربية والدولية، بل محاولة تأكيد جدارتهن في قلب اللعبة. وضمن هذه المعادلة، تعشق الشيخة لطيفة بنت أحمد آل مكتوم ممارسة السباحة والكرة الطائرة والفروسية ولديها فريق مفضل في كرة القدم على رغم أنها لا تشجعها. وهي أحرزت هذا العام ذهبية بطولة الإمارات للفروسية ضمن الفئة "ب" والمركز السابع ببطولة مكتوم الدولية للتحدي. وتحلم الشيخة لطيفة بنت أحمد في دراسة إدارة الأعمال ورفع علم بلدها عالياً آسيوياً وأولمبياً. وربما تمكنت الشيخة لطيفة من تحقيق حلمها الرياضي، لكن رسالتها ودعوتها بنات بلدها لممارسة الرياضة على أعمدة الصحف المحلية وعبر شاشات التلفزيون تشكل وسيلة دفع وحافزاً لشابات المستقبل. وقالت الشيخة لطيفة: "ليس بالامر المعيب ان تمارس كل فتاة الهواية المحببة والمفضلة لديها ضمن اطار احترام العادات والتقاليد في مجتمعنا الاماراتي. ان النهوض بالرياضة يبدأ عبر تنمية هذا النشاط في المدارس والمعاهد والكليات ليرفع الحرج عن الذهاب الى الاندية". قبل نصف عام، بدأت حكاية منتخب الإمارات النسائي للكاراتيه عبر "ميثاق" رفع التحدي، في حين وفرت غلة الذهب الأخيرة صدى الثورة الهادئة في سبيل التغيير.