بعد ساعات قليلة على فشل اجتماع امني جديد بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية في تحقيق أي نتائج، فككت قوات الاحتلال أمس موقعا عسكريا يقع جنوب مدينة غزة بعد ثماني سنوات على إقامته. وعلى رغم مطالبة السلطة الفلسطينية بإزالته منذ إنشائه عام 1995 كونه مخالفاً لاتفاقات اوسلو، إلا ان إسرائيل اعتبرت إزالته ظهر امس مبادرة حسن نية من جانبها. ويقع الموقع غرب مفترق الشهداء، أحد محاور الطرق المهمة في قطاع غزة، وملتقى طريق صلاح الدين الطولية الرئيسة والطريق العرضية التي تربط مستوطنة "نتساريم" اليهودية الجاثمة فوق اراضي الفلسطينيين جنوب مدينة غزة، ومعبر المنطار كارني شرق المدينة. ولم تقدم سلطات الاحتلال على تفكيك الموقع، الا في أعقاب الانتهاء من إقامة موقع عسكري جديد وتجهيزه بكل ما يسمح لقوات الاحتلال بفرض سيطرتها على منطقة المفترق كلها، بحيث يتيح الموقع الجديد مجالاً للرؤية والاستطلاع افضل بكثير من سابقه الذي تم تفكيكه. وكانت قوات الاحتلال شرعت في إنشاء الموقع الجديد فوق تلة اقامتها بارتفاع نحو خمسة أمتار شرق المفترق غداة فتحه أمام حركة الفلسطينيين مطلع الشهر الماضي بعد إغلاقه تماما في أعقاب اندلاع الانتفاضة أواخر أيلول سبتمبر. ونقلت شاحنات ضخمة المكعبات الإسمنتية والأبراج العسكرية وغيرها إلى مواقع إسرائيلية داخل الخط الأخضر. وأعربت السلطة الفلسطينية عن رفضها إبقاء الموقع الجديد. وقالت مصادر أمنية في الأمن العام الفلسطيني ل"الحياة" ان السلطة طالبت مراراً وتكراراً بإقامة الموقع القديم قبل إنشاء الجديد. وأضافت ان الموقع مخالف للاتفاقات والتفاهمات الأمنية، واقيم في أعقاب اندلاع الانتفاضة، ويتعارض مع ما ورد في خطة "خريطة الطريق". ووصفت إبقاء الموقع وتحصينه بأنه "خرق فاضح" ل"خريطة الطريق" يضاف إلى جملة من الخروق الأخرى من قبل الحكومة الإسرائيلية، مطالبة بإزالته تماما كونه يشكل بؤرة توتر في المنطقة. ويشرف الموقع على الطريق العرضية التي يسلكها عادة المستوطنون اليهود في تنقلاتهم بين مستوطنة "نتساريم" المعزولة وإسرائيل. وجاء ذلك في أعقاب فشل الاجتماع الأمني الذي عقده وزير الشؤون الأمنية محمد دحلان مع وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز واستمر اربع ساعات في منطقة القدس حتى فجر أمس من دون التوصل الى أي اتفاق. وفشل الاجتماع بسبب إصرار إسرائيل على إعادة انتشار قواتها خارج مدينتي أريحا وقلقيلية في الضفة الغربية، في حين طالب دحلان بانسحاب قوات الاحتلال من مدينة قلقيلية وأي مدينة أخرى مثل رام الله او نابلس او الخليل وليس أريحا لأنها أصلا غير محتلة كباقي مدن الضفة. وقال صائب عريقات عضو لجنة المفاوضات الفلسطينية العليا ان الجانب الاسرائيلي "ما زال يصر على تجزئة الانسحابات". واضاف ان الجانب الفلسطيني "يسعى الى وضع جدول زمني للانسحاب من المدن والمناطق لاستكمال الانسحاب الى حدود 28 ايلول سبتمبر 2000 اي قبل اندلاع الانتفاضة تدريجيا ورفع الحصار والاغلاق". واوضح عضو المجلس التشريعي عن مدينة اريحا: "انا من سكان اريحا ولا علم لدي انه توجد اي قوات احتلال في المدينة". واتهم الدولة العبرية ب"مواصلة سياسة الاستخفاف بخريطة الطريق"، مؤكداً ان "الانسحاب الاسرائيلي الكامل وانهاء الحصار بما في ذلك على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات هو السبيل الوحيد لتنفيذ خريطة الطريق والتقدم". مساكن استيطانية جديدة إلى ذلك، قررت الحكومة الإسرائيلية إضافة مساكن جديدة للمستوطنين اليهود في مستوطنة "نفيه ديكاليم" اليهودية الجاثمة فوق أراضي الفلسطينيين غرب مدينة خانيونس جنوب القطاع. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي ان الحكومة الإسرائيلية طرحت أمس عروض استدراج بناء 22 مسكناً في المستوطنة، في عملية هي الأولى من نوعها منذ أكثر من عام. ويعتبر طرح عروض استدراج بناء منازل جديدة في المستوطنة مخالفاً لخطة "خريطة الطريق" وتقرير ميتشل اللذين ينصان على ضرورة تجميد الاستيطان. وتنص الخطة على تجميد الاستيطان تمهيدا لإقامة دولة فلسطينية بحلول عام 2005. وتعتبر مستوطنة "نفيه ديكاليم" المنطقة الصناعية الوحيدة بين المستوطنات ال18 في قطاع غزة، وفيها أيضا فرع لإحدى الجامعات العبرية. واستناداً إلى مصادر إسرائيلية فإن نحو 7700 مستوطن يقيمون في مستوطنات القطاع.