كم تقسو عليك الأيام يا بغداد وتسهو عنك عيون الحق والعدالة والسلام. يغزو لياليك الرعب وتعيث البوم في أزقتك العتيقة خراباً وفساداً وعهراً واغتصاباً. كم جرَّحت أحزانك اناث الأطفال والثكالى والشيوخ المرضى ولثم شفاههم بلسم الموت البطيء قبل طلوع الفجر الواعد. كم أجهضت أحلام نسائك عيونها الفاغرة وأجهش عتمتك بكاء الآباء الحيارى الصامت. بغداد يا عروس الحزن والحيرة واليتم والجوع والمرض القاهر. يا ركام الحيرة على أطلال الحرية والديموقراطية. شكوتك الى الشرفاء فأصابهم الذهول. يا عروس الوفاء الذكية تخضِّب ثرى الأبطال المناضلين. لن أبكيك يا بغداد، فبكاء أطفالك الجائعين الخائفين جفّف مآقينا الكاذبة والخادعة. حبيبتي يا بغداد، يا اطلالة الشوق ووعد اللقاء وينبوع الأمل الدافق، لقد ثكلت في اغتصابك كل عواصم العرب. لن تسقطي الى الجحيم، بل ستحطمين جحيم الطغاة الغزاة وتبقين الى الأبد مرتعاً للخلود والصمود، وستزين دروب إسرائك ومعراجك أنوار الثريا وأضواء أقواس الانتصار وسعف النخيل التي زيّنت قيامة المسيح والإمام الحسين عليهما السلام في صعودهما المنير الى الفلك الأعلى وحضن الرب القدوس. سعد نسيب عطاالله