لم يعلق رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان على قول نظيره السوري محمد مصطفى ميرو ان الطرفين يفضلان "انهاء احتلال العراق واقامة حكومة منتخبة تمثل جميع العراقيين"، لكن اردوغان شدد على "وحدة الاراضي العراقية" بعد سقوط صدام حسين، معلناً اتفاقه مع دعوة ميرو الى "دور محوري لدول الجوار" في اعادة اعمار العراق. وكان ميرو أجرى في اليومين الماضيين محادثات مع نظيره التركي في انقرة استمرت يومين هي الاولى لرئيس وزراء سوري منذ 17 عاماً، عندما تبادل الدكتور عبدالرؤوف الكسم ونظيره التركي سليمان ديميريل الزيارات وصولاً الى البروتوكول المرحلي لقسمة مياه نهر الفرات وتمرير اكثر من 500 الف متر مكعب في الثانية الى سورية. ومنذ توقيع اتفاق اضنا الامني العام 1998 وطي صفحة توتر كاد يودي الى مواجهة عسكرية اخذت العلاقات بالتحسن تدريجاً في المجالات التجارية والاقتصادية والامنية وتبادل الخبرات العسكرية، لكن مواقف حكومة اردوغان المناهضة للحرب على العراق وشعور انقرة ودمشق بأن مصالحهما الاستراتيجية مهددة من الاحتلال الاميركي - البريطاني شجعت البلدين على تسريع خطوات التنسيق السياسي بينهما للحد من مخاطر "مخطط اميركي" للشرق الاوسط. واجرى ميرو محادثات مع الرئيس التركي احمد سيزر واردوغان ورئيس البرلمان بولنت ارينج ووزير الخارجية عبدالله غل. ووقع عدداً من الاتفاقات في مجالات الصحة والنفط والجمارك والتجارة، اذ ترتفع قيمة التبادل التجاري من بليون الى نحو 1.5 بليون دولار اميركي. وبعدما كان البلدان لا يريان سوى نقاط الخلاف مثل الحدود والمياه والارهاب، صار يركزان على النقاط المشتركة والتعاون الامني لمكافحة الارهاب والمخدرات والتعاون الاقتصادي والتنسيق السياسي وصولاً الى "اعلان مبادئ" مشترك ينظم علاقاتهما. وكان لافتاً ان اردوغان وعد الجانب السوري ب"القيام بخطوات جدية لحل مشكلة المياه بروح التضامن" بعدما كانت انقرة ترفض طرح هذا الموضوع. كما ان البلدين وافقا على التعاون لإزالة الالغام التي يقع معظمها على الجانب التركي من الحدود المشتركة البالغ طولها 800 كيلومتر المزروع بعضها منذ العام 1952. ويعتقد بأن هذه الخطوات تمهد لقيام الرئيس بشار الاسد باول زيارة لرئيس سوري تلبية لدعوة وجهها الرئيس التركي خلال مشاركته في التعزية بتشييع الرئيس الراحل حافظ الاسد قبل ثلاث سنوات. ونقلت مصادر رسمية امس عن ميرو قوله خلال محادثاته الرسمية ان "دول المنطقة وبشكل خاص دول الجوار العراقي لا بد أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية وواجباتها الأخلاقية والوطنية وأن يكون لها دورها الفعال والأساسي لضمان الأمن والاستقرار فيها". وبعدما قال ان "المسألة العراقية بتداعياتها تثير قلق دول العالم كافة وقلق دول الجوار خصوصاً"، دعا الى "دور دولي واقليمي يضع حداً لأمد الاحتلال الأميركي والبريطاني للعراق والحفاظ على وحدة أرضه وشعبه وسيادته الإقليمية وإتاحة الفرصة لشعبه بكل أطيافه الاجتماعية والسياسية والثقافية لاختيار نظامه السياسي الديموقراطي وحكومته الوطنية المعبرة عن مصالحه وإدارة شؤونه" على ان "يعطى للأمم المتحدة ودول الجوار العراقي دور محوري وأساسي في اعادة اعمار العراق ومؤسساته التي دمرتها آلة الحرب الجائرة عليه". ولم يعلق اردوغان على كلام ميرو ان الطرفين يفضلان "انهاء احتلال العراق واقامة ادارة منتخبة من الشعب العراقي تمثل جميع العراقيين في شكل عادل"، لكنه قال ان الطرفين اتفقا على ضرورة الحفاظ على "وحدة الاراضي العراقي" بعد سقوط صدام. وكان ذلك اشارة الى سعي البلدين وايران لمنع اقامة كيان كردي في شمال العراق، الامر الذي نسقت الدول الثلاث جهودها للحيلولة دون حصوله لأنه يهدد مصالحها القومية. الى ذلك توجه امس الى مدينة ربيعة العراقية اول قطار سوري منذ اعلان الرئيس جورج بوش الحرب على العراق، محملاً بالبضائع السورية، في وقت دعا مسؤولون عراقيون الى محادثات ثلاثية سورية - تركية -عراقية للتعاون في مجال سكك الحديد.