ينفذ العراق مشروعاً ضخماً يعمل فيه قرابة مئة ألف عامل لفتح ما يزيد على عشرة آلاف كيلومتر من القنوات المائية وتنظيفها من الأدغال التي أعاقت حركة الملاحة والنشاط الزراعي منذ نهاية الثمانينات. بدأت وزارة الموارد المائية في العراق حملة طموحة لإعادة تأهيل المجاري المائية في وسط البلاد وجنوبها وتنظيفها من "ادغال" تسببت بها نباتات هجينة باتت تعطل دورة الحياة الزراعية والاقتصادية في انحاء مختلفة من العراق وتمنع وصول المياه الى مناطق ريفية تعتمد على الري النهري. وقال الدكتور حسن جنابي، مستشار الوزارة التابع لهيئة مجلس اعادة البناء والاعمار، ان المشروع هدفه "توليد الوظائف في المناطق الريفية وتنظيف الانهار العراقية من الأدغال". وشرح ل"الحياة" ان العمل ينصب حالياً على تنظيف ما يعادل 6209 كيلومترات من الأنهار والمجاري المائية التابعة لوزارة الموارد المائية وزارة الري سابقاً، وبمعدل وسطي يدور في حدود 100 كلم يومياً. وذكر ان "الاهمال الكبير للحكومة العراقية السابقة في الحفاظ على البيئة العراقية، وعدم قيام الوزارات العراقية السابقة على مدى اكثر من 15 عاماً بصيانة القنوات والمجاري المائية، هما المسؤولان عن رداءة وضع شبكة الأنهار العراقية التي كانت تابعة لوزارة الري". وأكد ان العمل يتواصل في 13 محافظة من أصل 18 محافظة يضمها العراق، مشيراً الى ان أطول القنوات التي تنظف تقع في محافظة الحلة 1100 كلم، وفي محافظتي بغداد والنجف 650 كلم وفي محافظتي الناصرية والكوت 600 كلم. وتضاف الى القنوات والمجاري المائية البالغة 6200 كلم قنوات خاصة تابعة للمزارعين والفلاحين يتجاوز طولها أربعة آلاف كيلومتر تشملها حملة الوزارة الحالية، وإن كانت من قبل تترك في عهدة القطاع الخاص. وتعتبر الحملة الحالية الأكبر التي شهدها العراق في الأعوام الأخيرة، بعد حملتي "جيش القدس" و"الجيش الشعبي" اللتين سخر لهما النظام السابق موارد مالية وبشرية كبيرة. وقال جنابي: "الادغال عبارة عن غطاء نباتي كثيف يتمدد بشكل اخطبوطي سريع تكون فيه جذور النباتات مغروسة بعمق في الأرض في حين تطفو اوراقها على سطح الماء". وأضاف: "هذه النباتات تنتشر انتشاراً كثيفاً في مقطع القناة وتمنع جريان المياه، وتؤثر في التنوع الاحيائي والبيولوجي في كل القنوات والمجاري المائية". وأوضح ان النباتات الغازية "هجينة غير محلية دخلت العراق في التسعينات"، لافتاً الى إن "الاسم المحلي لهذه الادغال التي تصل كثافتها حداً تستطيع معه قطعان الماشية المشي بسهولة هو الشمبلان في نهر الفرات، بينما تغطي قنوات نهر دجلة ومجاريه زهرة النيل التي أتت بها العائلات المصرية عندما استقدم الرئيس السابق صدام حسين عدداً كبيراً من المصريين"، إبان الحرب العراقية - الايرانية في الثمانينات. وكان المصريون أتوا بزهرة النيل لتعليقها بغرض الزينة في بيوتهم لكن "النبتة انتشرت انتشار الهشيم في العراق وباتت الآن تشكل ظاهرة خطيرة يعاني منها نهر دجلة". ويمتد نهر دجلة في العراق مسافة تقارب ألفي كيلومتر في حين يتخطى طول نهر الفرات طول دجلة بقليل داخل الأراضي العراقية ومنهما تتفرع آلاف الكيلومترات من القنوات المائية المستخدمة في الملاحة والري. وذكر جنابي ان "مشكلة الادغال غير موجودة في شمال العراق بل تقتصر على بغداد ومناطق الوسط والجنوب خصوصاً". وأشار الى ان الغرض من الحملة الحالية التي خصصت لها وزارة الموارد المائية 20 مليون دولار، او ما يعادل 45 في المئة من موازنتها السنوية، هو توليد وظائف عمل في الولايات الجنوبية خصوصاً التي عانت من سياسات تمييز متواصلة في السابق وسياسات افقار متعمدة. وأضاف ان "الحملة الحالية لتطهير القنوات من الترسبات وتنظيف اكتاف الأنهار والقنوات ستتيح خلق 100 ألف فرصة عمل لفئة العمال غير المهرة الذين يجدون صعوبة في العثور على فرص عمل". وكان بدأ في الأسبوع الأخير من حزيران يونيو الماضي العمل في ست محافظات جنوبية النجف، كربلاء، البصرة، الناصرة، المثنى والعمارة ليتوسع العمل بعد ذلك الى بقية المحافظات وبمعدل أربعة آلاف عامل في كل محافظة. وأكد جنابي ان "العمل بهذه الحملة سيستمر حتى تشرين الثاني نوفمبر المقبل مع امكان زيادة عدد العاملين والمبالغ المخصصة لها.