في هدوء، كان على النقيض تماما من العاصفة الإعلامية التي لازمت خروجه من القاهرة، زار نصر حامد أبو زيد مدينة أخيراً، للمرة الأولى منذ أن غادرها قبل نحو ثماني سنوات، احتجاجاً على حكم قضائي بتفريقه عن زوجته. دخل نصر أبو زيد مطار القاهرة بإجراءات عادية تماما مثل أي مواطن مصري مغترب ولم يواجه أي متاعب. ورافقت أبو زيد في الزيارة زوجته ابتهال يونس، أستاذ الأدب الأسباني، التي كانت زارت القاهرة خلال مدة الغياب اكثر من مرة للمشاركة في بعض الندوات العلمية. وشاء المقربون من نصر أبو زيد أن تكون هذه الزيارة "خاصة" بكل المعاني، فهي على حد وصف أحدهم "ذات مغزى رمزي" خالية من الضجيج والصخب حتى أن صاحبها رفض إجراء أية أحاديث صحافية وفضل فقط اللقاء بمجموعة من الإعلاميين كونهم "أصدقاء لعبوا دوراً في مساندته" ومن هؤلاء جمال الغيطاني وعبلة الرويني وعادل حمودة وحلمي النمنم ووائل عبدالفتاح ومحمد شعير. ومما يؤكد رغبته في استعادة الأجواء التي افتقدها خلال سنوات الغياب إصراره على أن يبدأ زيارته لمصر بالعودة إلى قريته الأولى "قحافة" التابعة لمحافظة الغربية نحو 120 كلم شمال القاهرة وقضى فيها نحو ثلاثة أيام في صحبة شقيقاته واهالي القرية الذين استقبلوه استقبالاً حاراً، خلافاً للتوقعات، وتأكيداً لصدق رهاناته على "فطرة بسطاء الناس". وكذلك أراد أبو زيد أن تكون رحلته للاستجمام، فزار أحد منتجعات الساحل الشمالي قرب مدينة الأسكندرية التي زارها كذلك وشارك بالحضور في ندوة دولية أقامتها مكتبتها حول جهود العالم لويس باستير، وذلك قبل أن يعود الى القاهرة تلبية لدعوة أصدقاء أرادوا الاحتفال بعيد ميلاده الستين. في القاهرة شارك في حفلين، الأول أقامه شاعر العامية المصري زين العابدين فؤاد والثاني أقامه محمد أبو الغار الأستاذ في كلية الطب في جامعة القاهرة. ولبى نصر أبو زيد دعوة وجهها قسم اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة القاهرة للاحتفال بالمناسبة نفسها، وألقى كلمة عبر فيها عن سعادته بوجوده بين أصدقائه، ولم ينس الكشف عن حزنه لغياب أصدقاء رحلوا من دون أن يودعهم، وخصّ منهم الناقدة الفت الروبي والقاص إسماعيل العادلي. وشارك في الحفل مجموعة من أساتذة القسم ومنهم حسين نصار واحمد مرسي وسيد البحراوي وهو ألقى كلمة عبر فيها عن الدعم الكامل الذي وجده ابو زيد من أساتذة القسم خلال محنته. بينما تغيب كل من جابر عصفور وعبدالمنعم تليمة، كما لم يشارك عميد الكلية أو أي من المسؤولين في الجامعة. وشارك من خارج هيئة التدريس في القسم كل من محمود أمين العالم وحسن حنفي وهدى وصفي وأمينة رشيد وأمين العيوطي وأحمد الاهواني وشيرين أبو النجا واحمد مجاهد وخالد عبدالمحسن بدر. وكان نصر ابو زيد زار الجامعة لانهاء بعض الإجراءات الإدارية المرتبطة ببلوغه سن التقاعد.