دافع رئيس الوزراء البريطاني توني بليرعن موقفه بالوقوف الى جانب الولاياتالمتحدة في شن الحرب على العراق واسقاط نظام الرئيس صدام حسين، معتبراً ان من حق المجتمع الدولي حماية الشعوب المهددة جدياً بسبب عجز دولها، فيما اتهمه الرئيس السابق للمفتشين الدوليين عن الاسلحة العراقية السويدي هانس بليكس بأنه بلير ارتكب "خطأ جسيماً" باعلانه ان صدام كان قادراً على نشر اسلحة دمار شامل في غضون 45 دقيقة. الى ذلك دعا الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون الى اشراك الحلف الاطلسي في عملية اعادة اعمار العراق. وجاء دفاع بلير عن قراره، الذي يتعرض بسببه هذه الايام الى حملة اتهام سياسية واسعة داخل حزب العمال الحاكم ب"تضخيمه" التهديد العراقي والكذب بشأن ما اعلنه من شراء النظام العراقي المخلوع كميات كبيرة من اليورانيوم، في وثيقة وزعت على المشاركين في مؤتمر لزعماء "تقدميين" من اليسار الوسط عقد في العاصمة البريطانية اخيراً، تحدثت عنها صحيفة "ذي اندبندت اون صاندي" اللندنية في عددها الصادر امس. ورأت الصحيفة ان الوثيقة تشكل بالنسبة الى بلير وسيلة لتبرير التدخل في العراق حتى وان لن يتم العثور في هذا البلد على اسلحة دمار شامل التي أتُخذت ذريعة لتبرير العمل العسكري ضد النظام العراقي المخلوع. وقال بلير بحسب الصحيفة "عندما يتعرض شعب لمعاناة جدية ناتجة مثلاً عن حرب داخلية او فتنة او عجز الدولة وان لا تشأ هذه الدولة او لا تستطيع وضع حد او تفادي هذه الاوضاع، فمن الضروري التخلي عن مبدأ عدم التدخل لفسح المجال امام توفير الحماية من المجتمع الدولي". وذكرت الصحيفة ان توزيع هذا النص اثار جدلاً حاداً بين بلير والمستشار الالماني غيرهارد شرودر الذي يشارك في المؤتمر. وكان شرودر عارض شن الحرب على العراق في غياب قرار من الاممالمتحدة يجيز استخدام القوة. من جهته قال هانس بليكس الرئيس السابق لمفتشي الاممالمتحدة عن الاسلحة العراقية في حديث مع الصحيفة نفسها ان بلير ارتكب "خطأ جسيماً" باعلانه امام مجلس العموم البرلمان ان صدام كان قادراً على نشر اسلحة دمار شامل في غضون 45 دقيقة، بعدما اعلنت الحكومة البريطانية ذلك في ملف نشرته في 24 ايلول سبتمبر الماضي. وقال بليكس الذي تقاعد هذه السنة ويشرف حالياً على صندوق دولي لبناء قبة جديدة لمفاعل تشرنوبيل النووي في اوكرانيا: "اعتقد انه كان خطأ جسيماً، ولا اعرف بالضبط كيف حسبوا رقم 45 دقيقة الوارد في الملف الذي قدم في ايلول من العام الماضي". واضاف: "يبدو لي ان هذا الرقم بعيد جداً عن الواقع، اذ من الصعب جداً نشر اسلحة كيمياوية او بيولوجية خلال 45 دقيقة". مشيراً الى ان بلير "كان مقتنعاً جداً" بأن العراق كان يملك اسلحة دمار شامل. واستطرد قائلاً: "تحدثت اليه عدة مرات ولم يتغير انطباعي مرة واحدة حول هذه النقطة. وفي الواقع كنت انا ممن يشككون في الامر وينتقدون، وكنت اقول ان الادلة كانت غير دامغة، وكررت ذلك امام مجلس الامن". واعتبر بليكس ان بلير ومحيطه "بالغوا في تفسير المعلومات التي حصلوا عليها" بهذا الشأن. ولم تسمح الولاياتالمتحدة وبريطانيا للمفتشين الدوليين باستئناف عملهم في العراق بعد سقوط نظام صدام، وكلفوا فرقهم الخاصة من الخبراء للبحث عن اسلحة الدمار الشامل المزعومة. ومن دون ان يطعن بكفاءة هؤلاء الخبراء، اعتبر بليكس ان "الخبراء الدوليين هم اكثر اهلاً للثقة من الخبراء الاميركيين" الذين اختارتهم الولاياتالمتحدة. ومنذ نهاية الحرب، لم يتم العثور على اسلحة دمار شامل في العراق. على صعيد آخر اعلن الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون في كلمته التي القاها اول من امس امام مؤتمر الزعماء "التقدميين" في لندن، ان على الحلف الاطلسي ان يشارك في عملية اعادة اعمار العراق التي يجب ان تكون دولية. وقال: "فكرت بالوسائل التي يجب ان تجمع الاسرة الدولية في الحرب على الارهاب. يجب ان تكون اوروبا في الطليعة. يجب ان تكون عملية اعادة اعمار العراق دولية". واضاف: "يجب ان يقترح الحلف الاطلسي المشاركة في هذه العملية. وهذا الامر يعطي الولاياتالمتحدة موقفاً قوياً على الارض".