الى السيد معن بشور، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سيدي الكريم، ان تدقيق الأحكام وإصدارها يختلفان عن الاتهام. فالأحكام تصدر عادة بعد توافر الأدلة والقرائن. ولهذا كانت رسالتي مجرد توجيه تهمة بإمكانك ان ترد عليها، وأن تنفي التهمة التي تتداولها كثرة واسعة من شعب العراق. وقد شاهدك الناس في مقابلة تلفزيونية بقناة "الجزيرة"، وأنت تدافع عن نظام الظالمين، وترفض توجيه اية إدانة لهذه السلطة، وتصفها بصفات ليست لها، وغير حقيقية. وأظهرت موقفاً يدلل على مقدار تورطك مع هذه السلطة الممتلئة بالمساوئ، والملطخة اليد بدم العراقيين وحتى العرب. وأنت تعرف ان الشكوى تقدم من المتضرر من الجريمة، او ممن يقوم مقامه قانوناً، وقد كثر الشهود في هذه القضية، يا سيدي، كما كثرت الشهادات التي تزعم انك شتمت شهداء العراق، وشعب العراق، ومجدت الطاغية. اما بالنسبة لطلبك مني ان أسأل اصدقائي، في العراق وفي البحرين، عنك شخصياً، فهي مسألة تخصك، وأنت حر في افكارك، وليس من حقي او من حق غيري ان يحاكمك على رؤاك وأفكارك. ومن الغريب ان صوتكم، في إدانة سلطة الطاغية المتعارضة مع الديموقراطية وحقوق الإنسان، لم يصل الى مسامع شعب العراق، في الوقت الذي كنتم على علاقة وطيدة ومتميزة وخاصة مع رأس السلطة. وكنا نشاهدكم في التلفزيون العراقي، ونشاهد حفاوة الطاغية في استقبالكم. وكانت تصريحاتكم في إسناد سلطته تأخذ مساحة واسعة من وقتنا، عند بث الأخبار المملة على شاشة تلفزيوننا البائس. وللمرة الأولى اسمع، ويسمع اخوتي من اهل العراق، انكم تقفون موقفاً يدين سلطة الديكتاتور العراقي البائد. ولماذا لا يكون موقفكم هذا في القنوات الفضائية والإعلام العربي؟ لكنك، يا سيدي الكريم، لم تتطرق اصلاً للتهمة الموجهة، وهي رأيك في الجثث والمقابر الجماعية والأطفال المستخرجة عظامهم، ومشاهد التعذيب التي يصلكم منها اقل من عشرة في المئة مما كان يجري في العراق. وأتمنى ألا نخلط الأوراق، فنحشر القضية الفلسطينية وشارون في قضية العراق. فقد تخلص العراقيون من شارونهم ولا يمكن ان تكون القضية العراقية بديلاً عن القضية الفلسطينية مثلما لا يكون العكس. جميعنا ضد الاحتلال، ونعمل جاهدين من اجل إنهاء سلطة الاحتلال، وتشكيل الحكومة العراقية الوطنية التي توفر للإنسان كرامته المهدورة في الزمن الصدامي، وحقوق الإنسان التي استكثرتها على العراقيين. تتمنى، يا سيدي، أن لا أنسى ضحايا الحصار من ابناء شعبي الذين تعاونت سلطة صدام، وكل اقطاب اللعبة السياسية، على طحنهم وقتلهم. وها أنت ترى وتسمع كيف ان السلطة تنام على البلايين، وشعبي يموت جوعاً ومرضاً. وها أنت ترى ان السلطة كانت تكنز المال الحرام وتنفقه على مريديها العرب والأجانب، وشعبي يزف ضحاياه وأطفاله الى الموت. لن أنسى شعبي الذي أوصلته سلطة القهر والموت والظلم الى احتلال الأجنبي. والمسؤولية لا تقع على المحتل وحده، فهذا خلاف للحق والحقيقة. فإن رأس السلطة الصدامية هو من يتحمل مسؤولية هذا الأمر. نحن نعرف انك وقفت ضد الحرب، وضد الاحتلال. وهو موقف تشكر عليه. ولكنك لم توضح للناس، صراحة، موقفك من السلطة الديكتاتورية، ولا موقفك من المقابر الجماعية، وموقفك من سلطة الموت والسجون والقهر والعذاب الإنساني، وموقفك من خلاص الشعب العراقي من السلطة القمعية البائدة. العراق - زهير كاظم عبود قاضٍ متقاعد