يفتتح اليوم في القاهرة مؤتمر الثقافة العربية "نحو خطاب ثقافي جديد" الذي دعت اليه وزارة الثقافة المصرية، ويستمر لمدة ثلاثة أيام بمشاركة 70 كاتباً ومفكراً عربياً. وكانت الساحة الثقافيّة المصرية شهدت نقاشاً حاداً حول فكرة المؤتمر والخلفيات الفكريّة لتنظيمه... وهناك بين الكتاب المصريين والعرب من شكك في نيات منظّميه، ورأى في المبادرة نوعاً من الدخول في "الزمن الأميركي الجديد" الذي تلى سقوط النظام العراقي، و"فرض الوصاية الأميركية - البريطانية على المنطقة". ودار جدل في اوساط المثقفين خصوصاً بعد البيان الذي أصدره ستة من كبار الكتاب المصريين، المعروفين بمواقفهم النقدية من السياسة الرسمية، في مجالات الفكر والثقافة، انتقدوا فيه المؤتمر، واعتبروا أن هناك تعجلاً في عقده ولم يخطط له، ولم يكن مدرجاً ضمن نشاط المجلس الاعلى للثقافة. وقال البيان الذي وقع عليه عبدالعظيم انيس وطارق البشري وجمال الغيطاني وصنع الله ابراهيم ورضوى عاشور ومحمد البساطي إن المحاور "تتحاشى ذكر القضايا الاكثر إلحاحاً على مثقفي الامة وشعوبها مثل الاحتلال الاميركي للعراق، والإبادة اليومية للشعب الفلسطيني، والمخططات الاميركية للهيمنة على المنطقة، ويكتفي بالحديث عن عصر مجتمع المعرفة وحرية الإبداع بعبارات مبهمة". وزاد من الجدل حول المؤتمر أن بيان "المثقفين الستة" جاء بعد رسالة وجهها الروائي الجزائري الطاهر وطار الى وزير الثقافة فاروق حسني رفض فيها دعوته للمشاركة في هذا المؤتمر، اذ وصفها ب "استدعاء بلغة البوليس". وانتقد فكرة المؤتمر، معتبراً ان محاوره "تفضح توجهاً واضحاً الى الانسياق في الفلك الاميركي، والتوجهات الثقافية التي يرغب في فرضها على المنطقة العربية". وردّ جابر عصفور، الامين العام للمجلس الاعلى للثقافة، على تهم الكاتب الجزائري، في تصريح ل"الحياة"، معتبراً أن رسالة وطار "هي غزل صريح للجماعات الاسلامية التي تحالف معها". وأكّد عصفور أن حديث وطار عن وجود لهجة تسلطية في الدعوة الى المؤتمر "لا أساس له من الصحة". كما وصف بيان المثقفين المصريين بأنه "يفتقر الى الدقة، وينطلق من معلومات خاطئة تماماً... وكان في إمكان الموقعين عليه الرجوع الى أمانة المجلس للحصول على المعلومات الدقيقة". وقال عصفور إن المؤتمر يناقش في موائده المستديرة وجلساته مجموعة من القضايا بينها "تجديد الخطاب الديني، ونقد الخطاب الثقافي العربي، وحرية الإبداع، والنظام الاقليمي العربي والعالمي، والمشروع الثقافي العربي، والثقافة العربية في عصر المعرفة". والسؤال المطروح على هامش انعقاد مؤتمر الثقافة العربية، تحت عنوان "نحو خطاب ثقافي جديد"، يتعلّق بالتحولات التي تشهدها الحياة الثقافية والفكريّة العربية، بعد التحوّل الذي عرفته المنطقة العربية. فهل حان وقت طرح أسئلة أخرى، بلغة جديدة وأدوات مغايرة؟... أم أن الحياة الفكريّة العربية ستبقى تدور في الحلقة المفرغة نفسها، بين عداء تلقائي للغرب، وولاء مطلق له.