تلعب سوق الاوراق المالية البورصة دوراً كبيراً في التنمية الاقتصادية للدول لما تتيحه السوق بمؤسساتها المالية من قدرة على التمويل والاقتراض من خلال الدخول في الاستثمار المباشر في الاوراق المالية التي تصدرها الشركات الجديدة بالاكتتاب العام، أو التي تقوم بزيادة رأس مالها، أو التي يتم تخصيصها. وتعرف سوق الأوراق المالية بأنها السوق التي يتم فيها التعامل بالأوراق المالية بيعاً وشراء على نحو تشكل إحدى القنوات الرئيسية التي ينساب المال فيها بين الأفراد والمؤسسات والقطاعات المختلفة في المجتمع ما يساعد في تعبئة المدخرات وتنميتها وتهيئتها للمجالات الاستثمارية التي يحتاجها الاقتصاد القومي. وأخيراً وافق مجلس الوزراء السعودي على إصدار "نظام السوق المالية" الذي يهدف إلى إعادة هيكلة رأس المال في المملكة على أُسس جديدة متطورة من شأنها تعزيز الثقة والجاذبية لهذه السوق بما يضمن توفير مزيد من الإفصاح والشفافية والحماية والعدالة في التعامل للمتعاملين، وطالما كانت هناك حاجة لوجود سوق سعودية للاوراق المالية لتساهم في تحقيق الاهداف الاقتصادية المهمة منها: 1 - زيادة معدل نمو الاستثمار في الاقتصاد الوطني من خلال جذب مدخرات صغار المستثمرين عبر مجموعة من الضمانات التي تفرضها السوق حماية لمدخراتهم، وازالة تخوفهم من عدم تمكينهم من استرجاع الاموال المستثمرة في المشاريع متوسطة وطويلة المدى عند الاقتضاء. وميزة السوق المالية هي سرعة تحويل الاوراق المالية الى مال سائل، وبأسعار مناسبة وبأقل كلفة ممكنة كلما اراد المستثمر ذلك، لذا يجب العمل على تنمية الوعي الاستثماري لدى جمهور المتعاملين في البورصة، فتحول الادخار الى استثمار عن طريق شراء أوراق مالية هي عادة من السهل تنميتها عن طريق الدراسة وتبسيط اجراءات التعامل في البورصة على الجمهور. 2 - تعمل سوق الأوراق المالية على توفير الموارد المالية من الافراد المدخرين الذين يرغبون في استثمارها الى الافراد أو المؤسسات الذين يحتاجون اليها لاقامة مشاريع استثمارية بدلاً من استثمارها في اسواق الاسهم الدولية، ما ينعكس تأثيره في المجتمع من خلال توفير فرص عمل جديدة وتحسين مستوى معيشة المواطنين. 3 - تعمل سوق الأوراق المالية كسلطة رقابية بصورة غير مباشرة على كفاءة أداء المصارف والشركات، والمشاريع الاستثمارية التي يجري تداول أوراقها المالية في السوق، وتنشر البورصة بيانات تفصيلية عن أداء الاسهم بما يساعد المستثمرين على معرفة اتجاه الاسعار صعوداً وهبوطاً، واتخاذ قراراتهم بالدخول في السوق بناء على ذلك. 4 - توفر سوق الأوراق المالية مجموعة من الأدوات المالية التي تهيئ للمستثمر فرصاً أوسع للاختيار في شتى مجالات الاستثمار مصرفي صناعي تجاري خدمي زراعي ما يوسع قاعدة اختيار أوجه الاستثمار أمام المستثمرين، لذا يجب العمل على اتساع قاعدة التداول من خلال تجزئة القيمة الاسمية للاسهم، وزيادة عدد الشركات المدرجة في السوق السعودية، إذ يبلغ عددها 68 شركة فقط وهذا يؤدي الى تركز التداول في عدد محدود من الشركات، ويتأتى ذلك عن طريق التخصيص كما حدث عندما تم تخصيص جزء من أسهم شركة الاتصالات السعودية وتحويل بعض الشركات الى شركات مساهمة، إذ تعاني السوق السعودية من قلة الأسهم المتداولة بسبب قلة المعروض منها، نتيجة تملك الحكومة لحصص متفاوتة من عدد كبير من الشركات، وتملك بعض الشركات والأفراد للأسهم ذات العوائد بغرض الحصول على أرباح سنوية. 5 - تعمل السوق على الحد من معدلات التضخم في الاقتصاد الوطني وذلك بجذب المدخرات من الافراد وامتصاص فائض السيولة لديهم، وتوجيه هذه المدخرات الى الاستثمار بدلاً من الاستهلاك. 6 - الاتجاه الى فتح السوق للمسثمرين الاجانب وذلك بجذب الاستثمارات الاجنبية التي تساعد في دوران عجلة الاقتصاد السعودي من خلال رفع القيود على تدفق الاستثمار الاجنبي، ما سيكون له أكبر الاثر في نقل التكنولوجيا، وزيادة الترابط بالأسواق الخارجية، وإن كان النظام يسمح للأجانب بالشراء في صناديق الاستثمار الا أن نسبة الاستثمار فيها محدودة للغاية. السوق الأكبر عربياً وتعتبر سوق الأسهم السعودية الأكبر عربياً من جهة القيمة السوقية للأسهم المتداولة حيث تستحوذ على نحو نصف القيمة السوقية للأسواق العربية مجتمعة، والأكثر نمواً لما تتميز به المملكة العربية السعودية من استقرار اقتصادي، وبلغت القيمة السوقية للأسهم المتداولة في نهاية أيار مايو 2003 نحو 426.25 بليون ريال 114 بليون دولار، وتُعد السوق السعودية سوقاً حديثة من حيث النشأة، إذ تكونت بتأسيس بعض الشركات المساهمة القليلة وكانت الشركة العربية للسيارات صفيت التي تأسست عام 1935 أول شركة مساهمه تطرح اسهمها للاكتتاب العام برأس مال 21 مليون ريال، وتعد شركة الاسمنت العربية أقدم شركة مساهمة طرحت اسهمها للاكتتاب العام، عام 1954 ثم تتابع بعد ذلك تأسيس الشركات المساهمة عاماً بعد عام حيث كان تأسيسها مواكباً للاحتياجات الأولية للتنمية الإقتصادية في تلك المرحلة. ويمكن تحديد بداية ظهور سوق الأسهم في المملكة العربية السعودية في نهاية السبعينات، عندما تزايد عدد الشركات المساهمة بشكل ملحوظ، ودمجت الحكومة شركات الكهرباء في شركات موحدة نتج عنه توزيع أسهم إضافية من دون مقابل على مساهميها، بالإضافة الى سعودة المصارف الأجنبية العاملة في المملكة إذ تم طرح أسهمها للإكتتاب العام، وساهمت هذه العوامل في زيادة عدد الأسهم المتاحة للتداول بين الجمهور، ومن ثم نشأت الحاجة إلى تبادل تلك الأسهم فيما بينهم، وفي أواخر السبعينات نشأت سوق غير رسمية لدى مكاتب غير مرخصة ولا تخضع لأي إشراف حكومي قامت بممارسة نشاط الوساطة في بيع وشراء الأسهم، وكانت تلك المكاتب تعمل كمؤسسات افراد وليس كشركات وساطة متخصصة بل تفتقر الى الامكانات المهنية اللازمة، ويعمل كل مكتب كبورصة شبه مستقلة، كما ان اسعار الاسهم الناتجة عن عمليات التداول ليست اسعار توازن لأنها لا تعكس كامل العرض وكامل الطلب لسهم ما في لحظة ما، بل تتفاوت الاسعار من مدينة الى اخرى ومن وسيط إلى آخر، ولأن تلك المكاتب تعمل بالاضافة إلى أعمال الوساطه في المتاجرة بالأسهم لحقائب استثماراتها الخاصة، نشأ نوع من التنافس غير المشروع بين المكاتب، ونتيجة لانعدام الخبرة والأسس السليمة في التعامل بهذا المجال الاستثماري ولغياب التنظيم والرقابة ظهرت في السوق بعض الممارسات غير القانونية كالبيوع الوهمية، أو البيع بالعقد المفتوح، وتجميع بعض الأسهم واحتكارها للتأثير في أسعارها السوقيه، وبث الاشاعات المغرضة للتأثير في مستوى السوق، ما خلق فرصة ملائمة لارتفاع الأسعار بشكل غير طبيعي. وكشف الوضع السابق الحاجة الماسة الى تطوير وتنظيم السوق، وبالذات في ما يخص وضع ضوابط وانظمة صارمة للتحكم في عمليات التداول، وبالفعل بدأت تطوير سوق الأسهم السعودية عندما صدر الأمر السامي لحصر تداول الأسهم عن طريق المصارف المحلية، وتشكيل لجنة وزارية مكونة من وزير المال والاقتصاد الوطني، ووزير التجارة، ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، للإشراف على تطوير سوق الأسهم السعودية، ورسم السياسات المتعلقة بها، ووضع الأنظمة والتعليمات والضوابط المنظمة لها، التي تكفل قيامه بدور أساسي وحيوي في الاقتصاد الوطني، وشكلت اللجنة الوزارية لجنة إشراف مكونة من الوكلاء المختصين من الجهات الحكومية الثلاث، وأوكلت لها مهام مراقبة تطبيق التعليمات والقواعد الصادرة بذلك من اللجنة الوزارية، ووضع المقترحات والتوصيات المتعلقة بتطوير السوق وتحسين كفاءة عمليات شراء وبيع الأسهم، وقامت اللجنة بوضع القواعد التنفيذية لتنظيم عملية تداول الاسهم عن طريق المصارف في 1984، وعهدوا إلى مؤسسة النقد العربي السعودي ساما بعد ذلك بمهمة التنظيم اليومي للسوق، وتم حصر الوساطة في تداول الأسهم عن طريق المصارف التجارية بهدف تحسين الإطار التنظيمي للتداول، وتم تأسيس الشركة السعودية لتسجيل الأسهم، وتقدم هذه الشركة تسهيلات للتسجيل المركزي للشركات المساهمة وتقوم بتسوية والتقاص جميع عمليات الأسهم، ودخل هذا النظام حيز التنفيذ في 1984 عن طريق 12 وحدة مركزية لتداول الاسهم تابعة للمصارف التجارية. ومع أن التنظيم اعتبر خطوة ايجابية في ذلك الوقت إلا ان السوق ظلت تعاني عدداً من المشاكل، فالتنسيق المتوقع بين المصارف لم يتحقق، وظلت السوق مفتتة مما أبقى على الاختلاف الكبير بين أسعار الصفقات التي تتم في اليوم الواحد، كما ان إجراءات التعامل والتسجيل كانت تستغرق وقتا طويلاً، إضافة الى ضعف فعالية دور لجنة الاشراف لتعدد أماكن التداول مما قصر دورها على الاشراف أو المراقبة اللاحقة، وكان بعض الصفقات نفذ خارج النظام المصرفي تماماً، باستغلال ثغرة في النظام، وهي السماح بإتمام الصفقات التي تتم مباشرة بين البائع والمشتري من دون وساطه أو عمولة لطرف ثالث، في مكاتب تسجيل الاسهم مباشرة من دون الرجوع للمصارف. وحيث ان النظام الاساسي لم يتطرق الى مكاتب الوساطة فقد ظلت تلك المكاتب تمارس نشاطها بتوريد صفقات جاهزة الى غرف التداول لاستكمال الاجراءات الشكلية فقط، ورحبت المصارف باقتسام العمولة مع تلك المكاتب لدورها في تنشيط السوق، إضافة الى ان نظام مراقبة المصارف لا يسمح لها بشراء الاسهم لحسابها الخاص، كما لم تكن هناك أية مؤسسات رسمية اخرى صانعة للاسواق، مما ادى الى تأخير في إتمام الصفقات وأدت تلك الاسباب مجتمعة بالتضافر مع التراجع العام في النشاطات الاقتصادية ومشاكل السيولة الى تراجع مستمر في اسعار الاسهم وحجم التداول وصل في بعض الاحيان الى 80 في المئة خلال شهور من بدء تنفيذ ذلك التنظيم. وكان لا بد من وجود نظام بديل لقاعدة التداول التقليدية، وهو طرح نظام تعامل الكتروني في بداية النصف الثاني من عام 1990 وذلك بشكل تدرجي، وهو عبارة عن نظام آلي متكامل للتداول والتسويات والمعلومات، حيث ترتبط وحدات التداول المركزية بالمصارف الوسيطة مع مؤسسة النقد عن طريق حاسب آلي مركزي، ويقوم الوسطاء من خلال الوحدات الطرفيه المتوافرة لدى الوحدات المركزية بإدخال عروض البيع وطلبات الشراء الخاصة بالمستثمرين وتنفيذها وتسوية المبالغ ونقل الملكية مباشرة بطريقة الكترونية، كما يقوم النظام بتوفير معلومات آنية عن اسعار واحجام الصفقات المنفذة بالاضافة الى معلومات عن الشركات المساهمة المتداولة أسهمها. ويوفر النظام الآلي لمعلومات الاسهم للسوق مميزات عدة لعل من اهمها تضييق فروقات الاسعار وتحقيق العدالة والمساواة لجميع المتعاملين، بالاضافة الى شفافية المعلومات سواء ما يتعلق منها بالتداول او المتاح من معلومات الشركات، وتحقيق الكفاءة والسرعة في نظام التسويات، وتتم تسوية الصفقات المنفذة بموجب إشعارات في مساء اليوم نفسه. ومع ان النظام الحالي حقق الكثير من خلال إصداراته المتلاحقة التي تحاول التغلب على الكثير من العيوب المكتشفة بعد التطبيق، الا انه لم يصل إلى مستوى طموحات القائمين عليه والمتعاملين، مثلاً رغبة بعض المستثمرين توفير إمكانية البيع والشراء للسهم الواحد في اليوم نفسه. وكان عدد الشركات المساهمة محدوداً في البداية، إذ بلغ عدد الشركات المساهمة المتداولة أسهمها 5 شركات فقط في الفترة قبل عام 1960، وارتفع الى 8 شركات في الفترة من 1960 الى 1969 ثم الى 34 شركة في الفترة من 1970 الى 1979 بعد تأسيس بعض الشركات، وسعودة المصارف الأجنبية العاملة في السعودية، ثم ارتفع عدد الشركات في الفترة من 1980 1989 الى 60 شركة ووصل العدد حالياً الى 68 شركة بعد إضافة عدد من الشركات الجديدة، واندماج بعض المصارف والشركات. وفي السادس من تشرين الأول اكتوبر 2001 تم العمل بنظام "تداول" كأحدث الأنظمة الالكترونية، ومستمر العمل به الى الآن. وتطور أداء سوق الأسهم السعودية منذ إنشائها حتى نهاية عام 2002، وبلغت الكمية المتداولة عام 1985 نحو 3.93 مليون سهم، بلغت قيمتها 759.97 مليون ريال 203 ملايين دولار من خلال 7842 صفقة، وفي عام 1990 ارتفعت الكمية إلى 16.9 مليون سهم، بقيمة 4.4 بليون ريال 1.17 بليون دولار، عبر 85298 صفقة، وفي عام 1995 بلغت الكمية المتداولة 117مليون سهم بقيمة 23.2 بليون ريال 6.19 بليون دولار، من خلال 291742 صفقة، وفي عام 2002 بلغت الكمية المتداولة 1.7 بليون سهم، بقيمة 133.8 بليون ريال 35.7 بليون دولار، عبر 1.03 مليون صفقة، وسجل المؤشر العام في نهاية عام 1985 مستوى 691 نقطة، وارتفع في نهاية عام 1990 الى 980 نقطة، فيما ارتفع الى 1367.56 نقطة في نهاية عام 1995. وسجل المؤشر السنة الجارية أعلى مستوى في تاريخه حين بلغ 3644.29 نقطة.