قاد عسكريون موريتانيون أول انقلاب ضد الرئيس الموريتاني وقتذاك المختار ولد داده في صيف العام 1978. ولم يحل وجود قوات مغربية في نطاق اتفاق الدفاع المشترك دون وقوع الانقلاب الذي أحدث ارتجاجاً في العلاقات الاقليمية في منطقة الشمال الافريقي، كون الجنرال أبو سيف الذي قاد الانقلاب أبدى ميولاً نحو الجزائر في الموقف من نزاع الصحراء الغربية. وحين أبرمت موريتانيا عقب ذلك اتفاقاً مع جبهة بوليساريو يقضي بانسحاب نواكشوط من جنوبالمحافظات الصحراوية في المنطقة التي كانت تعرف ب"تيريس الغربية" بادر شيوخ وزعماء المنطقة الى مبايعة الملك الراحل الحسن الثاني. ما حدا به الى التدخل في سياق ما وصفه وقتذاك ب"قانون الشفعة". لكن العلاقات المغربية - الموريتانية شهدت تدهوراً ملحوظاً في عهد الرئيس ولد ميدالا الذي عرف بميوله نحو دعم جبهة بوليساريو. قبل أن يتمكن الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع الذي اطاحه في انقلاب عسكري، من مدّ جسور الانفتاح على المغرب. والتزمت نواكشوط في غضون ذلك موقف الحياد، على رغم ان اعداداً كبيرة من المنتسبين الى جبهة بوليساريو كانوا يقيمون على أراضيها. وبلغ الانفتاح ذروته من خلال انجذاب موريتانيا الى الاتحاد المغاربي الذي تأسس في مراكش في العام 1979. واعتبر انتساب موريتانيا الى الاتحاد المغاربي تحولاً بارزاً في السياسة الموريتانية، كون الأخيرة كانت عضواً في مجموعة حوض غرب افريقيا ذات الميول الافريقية، لكن جهوداً متبادلة بين اعضاء الاتحاد ركزت على جذب موريتانيا الى الفضاء الأورو - متوسطي. واذا كان الانفتاح الموريتاني المتزايد على اسرائيل ألقى بظلال قاتمة على علاقاتها مع الجماهيرية الليبية، العضو في الاتحاد المغاربي، الا ان العلاقات بين الرباطونواكشوط تعززت اكثر منذ اعتلاء العاهل المغربي الملك محمد السادس عرش بلاده في صيف العام 1999 وأبدت موريتانيا تفهماً لموقف الرباط من قضية الصحراء. خصوصاً اثناء جولات المفاوضات التي قادها الوسيط الدولي جيمس بيكر.وبدا ان فتوراً طبع العلاقات الموريتانية - الجزائرية قبل ان تعاود الجزائر الانفتاح على نواكشوط في الأشهر الأخيرة. وتبدو نواكشوط حريصة على الحفاظ على تركيبتها السكانية في اطار التنوع العربي - الافريقي، وعبّرت في اكثر من مناسبة عن خشيتها من تأثير نزوح الصحراويين الى أراضيها، اذ يعيش هناك آلاف الصحراويين الذين شاركوا في احصاء تحديد الهوية للتأهيل للاستفتاء. والأرجح، حسب اكثر من مراقب ان الوضع في موريتانيا يشغل المغاربة كما الجزائريين على حد سواء، كون أي تغيير في الموقف سيعيد ألغام نزاع الصحراء الى المواجهة.