نفذ مقاتلون ينتمون الى أربعة أجنحة عسكرية فلسطينية عمليتين فدائيتين في قطاع غزة ليل السبت - الاحد، أسفرتا عن مقتل أربعة إسرائيليين، إضافة الى منفذيها الاربعة. وفي العملية الاولى، وجه مقاتلون من "كتائب شهداء الاقصى"، الذراع العسكرية لحركة "فتح"، و"كتائب الشهيد عز الدين القسام"، الذراع العسكرية ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس، و"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الاسلامي"، ضربة قاسية الى قوات الاحتلال فجر امس في قطاع غزة حيث قتل اربعة جنود وجرح اربعة اخرون في هجوم مباغت شنه ثلاثة مقاتلين سقطوا شهداء في المعركة التي دامت نحو ساعة ونصف ساعة. وتبنت الاجنحة العسكرية الثلاثة العملية المشتركة بين الفصائل الثلاثة، في بيان اصدرته في غزة امس وحصلت "الحياة" على نسخة منه. وقالت ان الهجوم استهدف "اقتحام موقع قيادة جيش العدو الصهيوني في المنطقة المسماة ايريز شمال قطاع غزة"، المقابلة لبلدة بيت حانون والتي تخضع للحصار والاغلاق شبه التام من قبل قوات الاحتلال للاسبوع الرابع على التوالي. واضاف البيان ان "ثلاثة من مجاهدينا الاستشهاديين اقتحموا موقع قيادة جيش العدو... وخاضوا اشتباكا مسلحا استمر اكثر من ساعة ونصف ساعة افرغ خلالها مجاهدونا ما بحوزتهم من رصاص وقنابل في رؤوس ضباط جيش العدو النازي". واعلنت ان الشهداء هم موسى ابراهيم سحويل 22 عاما من عزبة بيت حانون وينتمي الى "كتائب شهداء الاقصى"، ومحمد يوسف ابو بيض 21 عاما من مخيم جباليا للاجئين وينتمي الى "كتائب عز الدين القسام"، ورامي محمد البيك 22 عاما من حي الزيتون في مدينة غزة، وينتمي الى "سرايا القدس". واشارت الى ان العملية البطولية المشتركة التي انطلقت من قلب مدينة بيت حانون المحتلة والمحاصرة جاءت لتؤكد "وحدة شعبنا على خيار الجهاد والمقاومة حتى يندحر الاحتلال عن وطننا ومقدساتنا". وتبين من التحقيقات التي اجرتها قوات الاحتلال ان المقاتلين الثلاثة تنكروا في زي الجيش الاسرائيلي، فيما سهل انتشار الضباب الكثيف وصولهم الى الموقع الحصين المقام عند مدخل المنطقة الصناعية المحاطة من كل الجوانب بتحصينات عسكرية وقوات اسرائيلية مكثفة، ليصدق القول الشائع ان "الحرب خدعة". وكانت آخر عملية فدائية وقعت في حاجز "ايريز" قبل نحو شهرين. شهيد في الهجوم الثاني وقبل العملية بساعات، سقط شهيد رابع هو محمد محمد هنية 19 عاما من مخيم جباليا للاجئين، في هجوم شنته مجموعة من المقاتلين تنتمي الى "كتائب الاقصى" و"كتائب المقاومة الوطنية" الذراع العسكرية ل"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"، على قافلة للمستوطنين والجنود الاسرائيليين كانت تسير على طريق تربط حاجز "كسوفيم" على خط الهدنة جنوب شرقي مدينة دير البلح ومجمع مستوطنات "غوش قطيف". وتبنت المجموعتان المسلحتان العملية في بيان مشترك حصلت "الحياة" على نسخة منه. وقالت ان "مجموعة مشتركة من كتائب شهداء الاقصى وكتائب المقاومة الوطنية الفلسطينية هاجمت قافلة من سيارات المستوطنين... بوابل من القنابل اليدوية والاسلحة الرشاشة واشتبكت مع التعزيزات العسكرية الاسرائيلية... مدة 25 دقيقة اصيب خلالها العديد من الجنود والمستوطنين". واضافت ان العملية تأتي تأكيداً ل "استمرار وتصعيد المقاومة وعلى مشروعية سلاحنا وحقنا في مقاومة الاحتلال ما دام جاثما على ارضنا الفلسطينية، ورفضنا وشجبنا لما صدر عن قمتي العقبة وشرم الشيخ، وتأكيدا على وحدة كل قوى المقاومة في مواجهة العدوان الاسرائيلي الغاشم على شعبنا وارضنا". رسائل وراء الهجومين ورأى مراقبون ومحللون ان العمليتين حملتا رسائل عدة الى كل الاطراف، اذ جاءتا رداً عملياً على قمتي العقبة وشرم الشيخ اللتين كان "الارهاب" ومكافحته الشغل الشاغل للزعماء المشاركين فيهما. كما شكلتا رداً من قوى وفصائل المعارضة على خطاب رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن في قمة العقبة الذي تحول الى عقبة في طريق التوصل الى هدنة، وبات يهدد بشرخ كبير في جسم الوحدة الوطنية الفلسطينية. كما انهما رسالة ل"أبو مازن" تفيد ان فصائل المعارضة موحدة خلف خيار المقاومة بما فيها "فتح" التي يشغل ابو مازن عضوية لجنتها المركزية، اضافة الى رفضها التسليم بالهدنة، خصوصاً العمليات ضد قوات الاحتلال والمستوطنين في الضفة وغزة، التي لا يدينها عادة المجتمع الدولي كونها "حقاً مشروعاً" للشعوب في مقاومة الاحتلال. كما انهما تحملان رسالة الى رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون بان المقاومة الفلسطينية قادرة على "رد الصاع صاعين"، وان "الحديد لا يفله الا الحديد"، وما دام العدوان الاسرائيلي مستمرا، فان المقاومة مستمرة ولن يتم القبول ب"هدنة" من دون شروط. وآخر الرسائل موجهة الى المجتمع الدولي بأن العمليتين استهدفتا جنودا اسرائيليين، وليس مدنيين، فلا داعي للاحتجاج، بل يجب الضغط على اسرائيل كي تقبل شروط المقاومة وخطة "خريطة الطريق". اغلاق قطاع غزة بعد الضفة الى ذلك، اعلنت اسرائيل في اعقاب العملية في حاجز "ايريز" اغلاق كل المعابر الاربعة التي تربط قطاع غزة بأراضي "الخط الاخضر" الفاصل بين القطاع واسرائيل الى اجل غير مسمى. وبذلك اصبح مليون ونصف مليون فلسطيني معتقلين في سجن كبير هو قطاع غزة حيث لا يسمح لهم بالخروج او الدخول. وكانت اسرائيل اعلنت قبل منتصف ليل السبت - الاحد اغلاق الضفة الغربية اغلاقا تاما بدعوى وصول عشرات الانذارات بقرب وقوع عمليات فدائية في اسرائيل، لتحول اكثر من مليوني فلسطيني الى معتقلين. الحكومة الفلسطينية وفي رام الله اف ب، دعا وزير الاعلام الفلسطيني نبيل عمرو إسرائيل الى عدم استغلال هجوم "إيريز"، والعمل من اجل انهاء التوتر القائم. واضاف ان "الاجواء متوترة في الضفة الغربية وقطاع غزة"، مشددا على ان الحل الاساسي هو الحل السياسي ... وخطة خريطة الطريق تهدف الى الخروج وانهاء هذا الوضع الصعب، ويتوجب على الطرفين التزام مسؤولياتهما المنصوص عليها في الخطة". وتابع: "نأمل في ان لا يستغل الجانب الاسرائيلي الهجوم لعدم تنفيذ وعود كثيرة قطعها لانهاء التوتر القائم"، مضيفا: "سنرجو ان يشكل الامر دافعا لتخفيف الطوق الاسرائيلي من اجل خلق اجواء ايجابية". وقال ان "الاسرائيليين يبالغون كثيرا في اجراءات الحصار ضد الشعب الفلسطيني". وطالب نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس ياسر عرفات بعد الهجوم "بارسال قوات فصل دولية من اجل تحقيق الفصل السياسي بين الطرفين على اساس الشرعية الدولية ... وتحقيق تقدم في عملية السلام، ازاء استمرار تدهور الاوضاع والعدوان الاسرائيلي".