يتوقع أن "ينعم" لبنان بدءاً من اليوم ب"هدنة" رئاسية قد تستمر اسبوعين يوفرها عدم عقد مجلس الوزراء طوال هذه الفترة، إلا في حال حصول "معجزة سياسية" لا تزال غير مرئية. فرئيس الحكومة يغادر الى البرازيل اليوم في زيارة رسمية تستمر حتى الجمعة المقبل، ويتوجه رئيس الجمهورية إميل لحود الى العاصمة البلغارية صوفيا في 19 الجاري في زيارة رسمية ليومين. ووصفت مصادر وزارية "الهدنة" بأنها "قسرية"، وقالت انه يمكن اختصارها شرط الاتفاق على إخراج الجلسات من حال الروتين التي تطغى عليها نتيجة إدراج أمور عادية جداً على جدول أعمالها وبالتالي التوافق بين لحود والحريري على أن تتحول الى جلسات مثمرة من خلال التفاهم على القضايا العالقة. ويتزامن بدء "الهدنة" مع سفر رئيس المجلس النيابي نبيه بري غداً الى ايطاليا في إجازة عائلية تستمر نحو أسبوع. ولعب أمس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط دوراً في تطويق الخلاف الذي حصل بين وزير الاقتصاد مروان حمادة ووزير التنمية الإدارية كريم بقرادوني في جلسة مجلس الوزراء أول من أمس على خلفية من يمثل الحكومة في صندوق النقد الدولي ومؤسسة "ميغا" التابعة له، بالتعاطي مع ما حصل على انه أصبح من الماضي. وكان جنبلاط الذي تلقى اتصالاً من بقرادوني، أوعز الى حمادة بضرورة استقباله رغبة منه بألا يكون لهذا الخلاف تداعيات سياسية لا سيما ان وزير الثقافة غازي العريضي كان سارع الى التخفيف من وطأته. وعزت مصادر وزارية موقف جنبلاط الداعي الى التهدئة، الى انسجامه مع الرغبة السورية في تبديد اجواء التوتر وعدم فسح المجال أمام مزيد من المشكلات التي يمكن أن يؤدي تراكمها الى استحالة تطبيع العلاقة بين رئيسي الجمهورية والحكومة. وأكدت المصادر ل"الحياة" ان جنبلاط في ظل الظروف الراهنة ليس في وارد افتعال مشكلة مع لحود من خلال تكبير سوء التفاهم الحاصل بين حمادة وبقرادوني المحسوب على رئيس الجمهورية، إلا أن ذلك لا يعني أبداً انه مرتاح لما آلت اليه الأوضاع بسبب الشلل الذي أخذ يصيب البلد نتيجة انعدام الثقة بين لحود والحريري، مشيرة الى أن لجنبلاط ملاحظات على الحريري الذي يترك بعض الثغرات في ملفه بدلاً من أن يبادر إلى معالجتها، إضافة الى انه غير مرتاح الى تصرفات بعض المحيطين بلحود. واعتبر الوزير حمادة في أول تعليق له على ما حصل في جلسة مجلس الوزراء انه لم يتنازل او يتراجع عما درجت عليه الحكومات السابقة بأن يكون التمثيل على مستوى وزاري، وكشف ان اللقاء بينه وبين الوزير بقرادوني في حضور وزير الثقافة غازي العريضي تمحور حول "كيف نستطيع ان نعمل، كل من جهته، وكلنا كفريق واحد لتفعيل العمل الحكومي والخروج من المساجلات وزرع الألغام امام العمل الحكومي، لأن امور الناس لم تعد تتحمل المماطلة"، مشدداً على "ان الخلاف لم يكن بين الرئيسين وأنا لم اكن امثل الرئىس الحريري في انسحابي من الجلسة". ودعا الى "الاحتكام الى الدستور وألا تحل اعراف جديدة محل الدستور، خصوصاً ان الدستور بحاجة الى استكمال تطبيق". وكان جنبلاط وصف ما حصل في جلسة مجلس الوزراء بأنه "معيب جداً"، وقال بعد لقائه رئيس الحكومة السابق عمر كرامي في منزل الأخير في طرابلس: "ان ما حصل لا يخدم على الاطلاق الخط الوطني، وقد يقلّب الناس على هذا الخط". وأضاف: "ان الوقت ليس مناسباً لطرح موضوع التمديد". وأشار الى أنه سيزور رئيس الجمهورية قريباً. ورأى "ان المعارضة وحدها تستفيد مما يحصل". وقال: "اذا فتحت في مجلس الوزراء معركة التمديد أو غير التمديد، فإن القوى المركزية السياسية، من دولة الرئيس كرامي ونحن نقرر ونرى إذا كانت المصلحة العامة تقضي التمديد أو عدمه. نحن ممثلو الشعب في مجلس النواب اما بدء المعركة قبل سنة ونصف السنة من موعد الاستحقاق فهذا يعطل كل شيء". وأكد التمسك ب"الثوابت الوطنية والقومية خصوصاً في مواجهة العواصف الغربية، وبعض المعارضة يستفيد مما يحصل ومن حقهم ذلك، ومن حقنا أن نلوم على ما يجرى في مجلس الوزراء". ونقلت نقابة المحررين عن وزير الإعلام ميشال سماحة دعوته الى "عدم اعتبار من يختلف عن الآخر في الآراء مأجور أو عميل". ورأى ان "إذا كان ثمة مرشحون لرئاسة الجمهورية فيجب أن يعلنوا برامجهم". ورأى النائب محمد عبدالحميد بيضون "ان الخلافات داخل المجلس مردها الى طريقة تشكيل الحكومة التي أحدثت شروخاً في العلاقات الرئاسية، ومن الصعب الحديث عن ترميمها ببساطة أو بجلسة أو جلستين". وقال النائب نعمة الله أبي نصر: "اذا كان التفاهم بين أهل الحكم مستحيلاً فمن واجب المجلس النيابي ان يتحمل مسؤولياته كاملة، لأن بقاء البلاد أهم من بقاء أي حكومة" التي دعاها الى "حل نفسها فوراً لتشكيل حكومة اتحاد وطني مصغرة". وأسف النائب عباس هاشم "لتلهي المسؤولين اللبنانيين في أمور صغيرة في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة". ورأى ان تكملة مسيرة الحريري مع لحود "باتت من المستحيلات"، مشيراً الى "أنهما يتناولان بعضهما بعضاً بشكل قاس جداً". واعتبر "ان تنحي الحريري عن الحكم في هذه المرحلة سيصب في مصلحة لبنان وسورية معاً، لأن رئيس الجمهورية لديه مدة زمنية لتكملة ولايته"، داعياً الى تشكيل "حكومة تكنوقراط لتصريف الأعمال". ودعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان الى "العودة الى العقل والحكمة". وطالب السيد محمد حسين فضل الله "بان يكون الحوار هو الدائرة الموضوعية الهادئة". واعتبر النائب السابق ادمون رزق "ان السلطة فاقدة شرعيتها الوطنية". ووصف ما يحصل بأنه "سخافة وحرتقة وتفاهة وانحدار". واعتبر حزب "الوطنيين الأحرار" أن ما يحصل في مجلس الوزراء مناسبة "لظهور أسباب خلافية جديدة، وهذا الواقع يفضح هشاشة التركيبة التي انتجها الوصي السوري لتنفيذ مشروعه وضمان استمرار وصايته على حساب لبنان".