نجحت الاتصالات في لبنان في تطويق الأزمة الناجمة عن السماح لتلفزيون الجديد "نيو تي في" بمعاودة البث الفضائي، بعدما تمكنت من استيعاب ردود الفعل والسيطرة عليها، للحؤول دون تكبيرها، على ان يبحث مجلس الوزراء في جلسته الاسبوعية بعد غد الخميس عن مخارج سياسية تتجاوز الأزمة العابرة الى تعزيز دور المؤسسات والاحتكام الى الدستور على الا يكون ذلك بالضرورة على حساب اعادة الاعتبار الى التفاهم بين رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري. وفي معلومات "الحياة" ان تحرك رئيس المجلس النيابي نبيه بري وعدد من الوزراء وفي مقدمهم وزير الاعلام غازي العريضي الذي التقى امس لحود لم يغرق في البحث عن مخارج سياسية يفترض ان تترك للحود والحريري ومجلس الوزراء مجتمعاً، بمقدار ما ركّز على ضرورة تطويق الازمة وضمان انحسارها عند الحدود التي وصلت اليها، على امل ان تكون الاتصالات مجتمعة اسهمت في ترطيب الاجواء لتوفير المناخ الذي يسهم في عقد مجلس الوزراء في ظروف طبيعية. وقال وزراء ونواب ل"الحياة" ان عودة الحريري اليوم من باريس ستتزامن مع تحضير الاجواء للبحث في كل الاشكالات بهدوء على قاعدة ان الحكومة باقية حتى اشعار آخر وان لا مجال للتغيير في الوقت الحاضر. واذا كان امكان التبديل موجوداً فإن ازمة البث الفضائي اتاحت ولو موقتاً تمديد عمر الحكومة. ولفت هؤلاء الى ان ردود الفعل الرسمية التي صدرت على هامش ازمة البث الفضائي تعتبر من الماضي وان ما قيل كان يهدف الى تحقيق نوع من التوازن. واستبعد هؤلاء ان يكون لدى بري او رئىس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط اي نية لطرح مبادرة، وقالوا ل"الحياة" ان الحديث عن مبادرة ليس دقيقاً وان تحركهما بقي محصوراً في رأب الصدع بين لحود والحريري. ونقل نواب في اللقاء النيابي الديموقراطي عن لسان رئىسه جنبلاط كلاماً يؤكد فيه انه ليس على علم بوجود مبادرة وان اجتماعه ليل امس مع بري في حضور نواب كتلتيهما خصص للبحث في مشروع قانون الموازنة الذي سيدرس اليوم في اجتماع لجنة المال والموازنة النيابية وان جنبلاط سيحضره ليبدي وجهة نظره في بعض البنود. وأكد النواب ان جنبلاط يترك لوزراء اللقاء حرية التحرك بين لحود والحريري من اجل تهدئة الاجواء. ولفتوا الى ان زيارة العريضي للقصر الجمهوري جاءت في سياق تكثيف الجهود لانهاء المشكلة. وسمع امس عدد من الوزراء من لحود ان ليس لديه مشكلة مع الحريري وانه راغب في التعاون وان ما حصل ما هو الا امر عابر ولن يترك اثراً على استعداده للتفاهم، نافياً اي خلاف مع رئيس الحكومة. كما نقل وزراء آخرون اتصلوا بالحريري عنه كلاماً مماثلاً ما يعني ان النيات متوافرة لدى الرئيسين لطي الصفحة. وما ساهم في انجاح الجهود على خط لحود - الحريري وجود شعور لدى الوزراء وهذا ما لمسه شخصياً العريضي بأن هناك خللاً ما في معالجة قضية تلفزيون الجديد تسبب بالاشكال الحاصل. وأكدت مصادر وزارية ان كبار المسؤولين اطلعوا على حرفية المراسلات التي جرت بين الحريري ووزير الاتصالات جان لوي قرداحي وتبين لهم ان تصرفاً كان يمكن تلافيه تسبب بهذه المشكلة، مشيرة الى ان رئيس الجمهورية كان يفضل لو ان وزير الاتصالات تشاور مع رئيس الحكومة مثل السماح بمعاودة البث الفضائي، إضافة الى ان وزراء اعتبروا ان سبب المشكلة هو تضارب مضمون المراسلات الصادرة عن قرداحي. في ضوء ذلك يمكن القول ان جلسة مجلس الوزراء ستكون عادية ولن يطرح موضوع الاعلام الا في حال نضوج تصور مشترك يتوصل اليه لحود والحريري قبل بدء الجلسة، والا ستحدد جلسة لاحقة تخصص للبحث في ملف الاعلام المرئي والمسموع. وفي هذا السياق، اكد وزير بارز تابع اجتماعات تنقية الاجواء ان البحث في ملف الاعلام المرئي لا يعني ابداً الخلط بين تلفزيون الجديد وبين محطة "ام تي في" التي أُوقفت بناء لحكم صادر عن القضاء اللبناني. وقال: "ان الجلسة المقترحة ستخصص لمناقشة الملف من زاوية الاصرار على تطبيق قانون الاعلام المرئي والمسموع، إضافة الى البحث في مصير المجلس الوطني للاعلام الذي انتهت ولايته، إضافة الى مناقشة اوضاع تلفزيون لبنان الذي يديره مجلس ادارة منتهية ولايته ايضاً، خصوصاً ان هناك رأيين حول المجلس الوطني، الاول يطالب بتعزيز صلاحيته وهذا ما سيكون على حساب الوزير وبالتالي لا مبرر لبقاء الوزارة، والثاني يقترح الغاءه والاستعاضة عنه بدائرة تلحق بالوزارة.