لم يتمكن ضحايا حادث احتراق صهريج محروقات صباح أمس في منطقة رأس العين وسط العاصمة الاردنية حتى من الصراخ قبل ان يسقطوا جثثاً متفحمة في الشارع الذي اشتعل خلال ثوان معدودة بالنيران. وهز هذا الحادث المريع مدينة عمان عندما انقلبت شاحنة صهريج محملة وقود وادت الى وفاة بين 11 و15 شخصاً قضوا حرقاً داخل سياراتهم في حين كانوا ينتظرون فتح اشارة المرور. ونفى وزير الداخلية الأردني قفطان المجالي الذي تفقد مكان الحادث ان يكون ناجماً عن عمل ارهابي، قائلاً انه "حادث عادي يقع يومياً في كثير من الدول وفي كل موقع". وأوضح أن سائق الشاحنة "فقد السيطرة على الشاحنة، مما أدى الى تدهورها وانسكاب البنزين تحت السيارات التي كانت موجودة في المنطقة اضافة الى حركة المرور في الشارع". وقال إن سائق الصهريج ليس من بين الضحايا، إذ "استطاع القفز من الصهريج" قبل اشتعاله. وقال مسؤول في الدفاع المدني ان 15 شخصاً قضوا داخل سياراتهم التي تفحمت من جراء الحريق، لكن وزير الداخلية قال للصحافيين انه تبلغ حتى الآن سقوط 11 ضحية. كما أشار الى اصابة 11 آخرين بحروق، بينما كان رجال الدفاع أفادوا في وقت سابق عن اصابة 20 شخصاً بحروق لم تعرف حتى الآن درجتها، بينهم ثلاث فتيات يبلغن من العمر 13 عاماً من طلاب مدرسة مجاورة. وقال أحد العاملين في الدفاع المدني الذي يبعد مركزه بضعة امتار عن مكان الحادث "الأمر لم يستغرق اكثر من ثوان معدودات، هرعنا الى الخارج لدى سماعنا صوت انفجار قوي فوجدنا جثثاً متفحمة داخل سيارات تحولت الى كومة من الحديد في حين انتشرت جثث اخرى متفحمة في الطريق ... لم نسمع حتى صراخ، الضحايا سقطوا في لمح البصر والبعض منهم حاول ان يخرج من سيارته لكنه سقط محترقاً". شارع رأس العين - المهاجرين في وسط العاصمة الذي شهد الحادث المروع تحول الى ما يشبه ساحة الحرب، اذ راحت حوالى عشر جرافات تزيل الاسفلت المحترق وتعمل على ذر التراب على مساحة حوالى 600 متر حيث انسابت المحروقات من الصهريج. وانتشر في مكان الحادث حوالى 250 عنصراً من رجال الشرطة والاطفاء والدفاع المدني لم يسمحوا سوى بمرور مراسلي وسائل الاعلام في حين راح بعض الاهالي يقصد نقاط الشرطة على جانب الطريق للسؤال عن اقرباء لهم خرجوا ولم يعودوا بعد وقد يكونون عبروا طريق الحادث المميت. واختفت هياكل السيارات المتفحمة التي قدر شهود عددها بحوالى 20 سيارة، اذ سارع رجال الدفاع الامني والشرطة الى نقلها الى خارج المنطقة في حين راحت شاحنة تعمل على رفع شاحنة الصهريج الخضراء المتفحمة وسط الشارع. وتتعدد الروايات عن أسباب الحادث، لكنها تؤكد ان سائق الصهريج فقد السيطرة على الشاحنة التي انزلقت مسافة طويلة قبل ان تنقلب على جانبها وتتسرب مادة البنزين التي تحملها على الارض. وادى انحدار الطريق الى تسرب مادة البنزين في اتجاه السيارات الخلفية التي اشتعلت فوراً، في حين كان ركابها ينتظرون امام اشارة السير ثم سرعان ما امتدت النيران الى السيارات الاخرى. وقال محمود العقرباوي 22 عاماً الذي كان في مكان الحادث ان "سائق الشاحنة الذي تمكن من الخروج منها قبل اشتعال الحريق راح يصرخ: بنزين، بنزين، اهربوا، غير ان سائقي السيارات لم يفهموا على ما يبدو ما يجري ولازموا سياراتهم". وأضاف ان "ركاب السيارات لم يتمكنوا من الفرار من سياراتهم بعد اشتعالها والبعض منهم خرج منها لكنه احترق فوراً". وأثار الحادث، الذي وقع في ساعة الذروة الصباحية، أجواء من الذعر في صفوف سكان العاصمة الذين يخشون وقوع اعمال ارهابية بينما يعقد الرئيس جورج بوش ورئيسا الوزراء الفلسطيني محمود عباس والاسرائيلي ارييل شارون في العقبة قمة يفترض ان تشهد اطلاق آلية تطبيق خريطة الطريق.