قبل نحو أربعين عاماً تعرضت سفينة حربية أميركية، كانت راسية في خليج تونكين، بشرق آسيا لقذائف صاروخية لم يعرف من أطلقها. وهو الحادث الذي قلبت له الولاياتالمتحدة الدنيا رأساً على عقب في عهد ادارة الرئيس ليندون جونسون، واتخذته ذريعة لشن الحرب على فيتنام الشمالية بعد اتهامها بارتكابه. فانطلقت قاذفات القنابل الأميركية، من طرار بي 52 العملاقة لتدك ميناء هايفونغ والعاصمة الفيتنامية الشمالية، هانوي. ثم شمل القصف المدن والموانئ والقرى الفيتنامية الشمالية، قبل أن يتحول الأمر الى حرب أميركية شاملة ضد تلك الدولة امتدت سنوات طويلة لاحقة صبّت فيها الولاياتالمتحدة مئات الآلاف من الأطنان من القنابل والصواريخ على رأس الشعب الفيتنامي. وكانت ذريعة الدخول في الحرب، يومها، الى حادثة السفينة الحربية، حماية دولة صديقة، هي فيتنام الجنوبية التي كانت تتمركز فيها قوات أميركية لحمايتها، من جهة، ولقطع الطريق على احتمالات اكتساح فيتنام الشمالية لها، بحسب الادعاء ذلك الوقت. وبعد سنوات طويلة خرج كاتب أميركي مغمور يدعى دانيال اليزبرغ، بكتاب "أسرار البنتاغون"، كشف فيه أن أميركا هي التي اخترعت قصة قصف السفينة الحربية الأميركية في خليج تونكين ذريعة لشن الحرب على فيتنام الشمالية، وأن التدخل في الحرب جاء استجابة لدعوة من فيتنام الجنوبية، حليفة أميركا يومها. واليوم، يكرر التاريخ نفسه. فحرب الخليج الثالثة استجابت تحقيق الأهداف الأميركية غير المعلنة. واستقدمت القوات الأميركية وغيرها، ووفرت لها الأرض والإمدادات التموينية سياسات إقليمية. والذريعة غير المعلنة، وان كانت كل الشواهد تشير اليها، هي حماية الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة. وسبب الحرب المعلن، أي نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية، لم يعثر على أثر له في انحاء العراق، على رغم تفتيش كل مكان وصلت اليه الدبابات والمدرعات الأميركية. قبرص - بشير الطاهر Bashir [email protected]