أحسن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان باختياره الوزير اللبناني السابق الدكتور غسان سلامة وتعيينه مستشاراً لدى الأممالمتحدة للعراق، ليعاون مبعوثه الخاص البرازيلي سيرجيو فييرا دي ميللو. لا شك ان قدرات الوزير اللبناني وكفاءاته، والصداقة التي تربطه بمبعوث الأممالمتحدة الى افغانستان الوزير الجزائري السابق الأخضر الابراهيمي، كانت حاسمة في تعيينه في منصب بالغ الصعوبة وينطوي على مسؤوليات كبرى. ولعل المنظمة الدولية تنجح في استثمار ألمعية سلامة أكثر مما فعلت الدولة اللبنانية التي استغنت ببلاهة عن خدماته. واجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي في الأردن، التي تمت بين وزير الخارجية الاميركي كولن باول والمبعوث الاميركي الى العراق بول بريمر ومعاونه السفير ريان كروكر مع انان ودي ميللو وسلامة، تشير الى ان الادارة الاميركية باتت مستعدة للاستماع والتعاون مع الأممالمتحدة نظراً الى ثقل الصعوبات التي يواجهها المحتل الاميركي. ففي قرار الأممالمتحدة الرقم 1483 الخاص برفع العقوبات الدولية عن العراق، بعض الغموض. اذ انه يشرّع الاحتلال من جهة، لكنه يفتح من جهة اخرى نافذة أمام الأممالمتحدة للعب دور في العراق. وكان غموض هذا القرار معبراً الوضع الدولي الذي كان سائداً عندما تم تبنيه من جانب المنظمة الدولية. فالدول التي خاضت الحرب، خصوصاً الولاياتالمتحدة وبريطانيا، أرادت تفادي قطيعة مع غالبية الدول التي عارضت الحرب وكانت تريد دوراً للأمم المتحدة. وتتجه الأمانة العامة للأمم المتحدة الآن الى وضع تقرير تقدمه الى مجلس الأمن في تموز يوليو المقبل من اجل اعطاء تفسير أوسع لدور المنظمة في العراق. والى حين تجهيز هذا التقرير فإن بعثة الأممالمتحدة المكونة من دي ميللو وسلامة، ستعمل مع العراقيين على الأرض لمساعدتهم وحثهم على التلاقي حول بعض المطالب القابلة للتنفيذ من جانب الإدارة الاميركية. وكانت هذه الادارة رفضت تعيين وزراء عراقيين إلا أنها عدلت عن هذا الرفض الآن. كما أرادت ان تكون للمجلس السياسي العراقي صفة استشارية فقط، اما الآن فإنها اقنعت بريمر بأنه ينبغي ان يتمتع هذا المجلس بسلطة تنفيذية. ما يقوم به دي ميللو وسلامة هو عمل يقضي ببناء الاجماع على غرار ما قام به الابراهيمي في لبنان قبل مؤتمر الطائف. فحتى لو كان القرار في يد القوة الاميركية المحتلة، إلا ان القرار 1483 يطلب من الأممالمتحدة ان تعمل بشكل مكثف مع السلطة الاميركية، ومع ممثلي الشعب العراقي من أجل انشاء ادارة عراقية موقتة، في أقرب فرصة ممكنة. والهدف الأول الآن بالنسبة الى الأممالمتحدة وممثليها في العراق، بانتظار حلول نهاية تموز، هو الاسراع في انشاء المجلس السياسي العراقي واعطاء نصائح في ما يخص هذا المجلس الذي سيكون بمثابة مجلس السيادة الى جانب حكومة عراقية من 22 وزيراً ومجلس دستوري يضم 150 شخصاً. وسيتم اختيار المجلس السياسي العراقي عبر مسار استشاري بطيء جداً تنظمه الإدارة الاميركية، والوجود المباشر للأمم المتحدة على الأرض سيشجع العراقيين على المشاركة فيه، اذ انهم سيشعرون بأنهم ليسوا منفردين مع المحتل الاميركي. واختيار غسان سلامة في اطار هذه المهمة أمر جيد، نظراً الى معرفته الواسعة بالعراق والعالم العربي وله ايضاً علاقات جيدة بالإدارة الاميركية.