القراءة نشاط انساني مهم، لكنه مغيب بعض الشيء عن الاهتمام في عالمنا العربي الذي يشكو ضعفاً تراكمياً عاماً يعتبر تدني مستوى القراءة واحداً من اهم مؤشراته. والواقع ان المجتمع العربي يقف في أدنى السلم على هذا المستوى، إذ تصل نسبة الأمية فيه، بحسب تقرير الأممالمتحدة عن التنمية للعام 2002، إلى 68 مليون شخص. وإذا كنا، كما هو معلن، لا نقضي إلا على 1 في المئة من نسبة الأمية سنوياً، فاننا نعرف اننا نحتاج إلى 38 سنة للقضاء عليها كلياً. ولكن ذلك يعتبر افراطاً في التفاؤل اذ ان نسبة التسرب المدرسي تناهز في العالم العربي 4 في المئة، بحسب الهام نجم، الأمينة العامة للشبكة العربية لمحو الأمية وتعليم الكبار في تصريح الى "الحياة". زد على ذلك ان اولئك الذين يعرفون القراءة ولا يقرأون كثيرون جداً. فالإحصاءات تتفاوت بين قائلٍ ان متوسط ساعات القراءة للشخص الواحد سنوياً يبلغ نصف دقيقة وقائل 3 دقائق وقائل 6 دقائق وقائل 30 دقيقة. أي انه، في احسن حالاته يبقى ضعيفاً جداً. والجدير بالذكر ان رقم ثلاثين دقيقة، ذكر في إحصائية نشرت عام 1995، بينما رقم نصف دقيقة نشر في العام 2002، ما يعني ان القراءة كنشاط، الى تراجع، بل الى "انقراض" في العالم العربي. في هذا الوقت يزداد اهتمام المجتمعات الغربية بالقراءة وتأثيرها على صقل شخصية الإنسان، من خلال نشاطات وجهود من شأنها تشجيعها. وتعدت الجهود مجرد التشجيع الى تسهيل العملية عبر ابتكار طرق للقراءة السريعة. اما نحن في العالم العربي، فأقصى ما نفعله هو التذمر. يتضجر مثقفونا وكتابنا ومسؤولونا من الوضع ولكنهم لا يكلفون انفسهم عناء التفكير في استنباط ما يفيد في تنشئة جيل قارئ منذ مرحلة الصغر. إذا أردنا أن نكون كالغرب - الذي يبدو هو مَن يقتدي بأمة اقرأ... والله جل جلاله هيأ الأسباب لمن يعمل، يجب أن تجعل الحكومات والمجتمعات والأفراد عملية "صنع الجيل القارئ" من أهم مسؤولياتها والمبادرة إلى وضع البرنامج العملي لها. ولعل "مهرجان القراءة للجميع" في السعودية نموذج لما مطلوب تعميمه في سياق تلك العملية المصيرية. وليد سليس جامعة الملك فيصل السعودية