أثارت الانباء التي تحدثت عن وجود اتفاق اسرائيلي - فلسطيني مبدئي على اطلاق عدد من القادة الفلسطينيين السياسيين من بينهم النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني امين سر اللجنة الحركية العليا لتنظيم "فتح" مروان البرغوثي، حالة من البلبلة والسخط في الاوساط الاسرائيلية، سيما في المستوى القضائي الذي عمل على مدى ما يزيد ععلى عام على تصوير البرغوثي بأنه "مهندس الارهاب" كما ورد في رسالة المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية الياكيم روبنشتاين الى رئيس الوزراء ارييل شارون. ونفى اكثر من مصدر اسرائيلي جملة وتفصيلاً الانباء التي تحدثت عن قرب الإفراج عن البرغوثي الذي يخضع للمحاكمة امام القضاء الاسرائيلي منذ شهور. ونقل عن نائب وزير الجيش الاسرائيلي زئيف بويم قوله للنائب العربي في البرلمان الاسرائيلي محمد بركة ان "النبأ عار عن الصحة وإجراءات محاكمة البرغوثي جارية". واكد المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية روبنشتاين امس في رسالة الى شارون معارضته الشديدة للافراج عن البرغوثي مشيراً الى ان اطلاق الاخير سيعتبر "استخفافاً بالقضاء الاسرائيلي". وجاء في الرسالة ان "من غير المعقول اطلاق "مهندس ارهابي" من الدرجة الاولى. على البرغوثي ان يدفع ثمن جرائمه التي نفذها رجال ارهابيون مثله لا يتوبون ابداً". غير ان مصادر موثوقة اكدت ل"الحياة" ان الجانب الفلسطيني حصل على وعود اسرائيلية واميركية بإطلاق البرغوثي الذي تحاكمه اسرائيل وتتهمه بالوقوف وراء عمليات عسكرية ضد اهداف اسرائيلية في اطار دوره في الانتفاضة. واكدت المصادر ذاتها ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ابلغ زوجة البرغوثي المحامية فدوى أن سلطات الاحتلال الاسرائيلي ستُطلق زوجها خلال الساعات الثماني والاربعين المقبلة. وسمحت اسرائيل للمحامي جواد بولص الذي يتولى الدفاع عن البرغوثي بزيارة موكله امس في زنزانة العزل التي يقبع فيها منذ اسابيع في سجن الرملة. وقال بولص في تصريح خاص ل"الحياة" بعد لقائه البرغوثي ان اياً من المسؤولين الاسرائيليين لم يتحدث مع البرغوثي في شأن الافراج عنه. ولكنه اوضح ان "احداً لا يتخيل ان يجري اي طرف فلسطيني مفاوضات مع الاسرائيليين او غيرهم من دون ان يكون هناك شرط بالإفراج عن قادة سياسيين مثل البرغوثي النائب في المجلس التشريعي وهو الذي يؤيد نجاح الحوار الفلسطيني - الفلسطيني من اجل تعزيز الوحدة الداخلية التي تعتبر سياج أمان للانتفاضة ومنجزاتها". واضاف بولص: "موقفنا كان واضحاً منذ البداية بأن قضية البرغوثي هي قضية سياسية ولم نعترف بصلاحية القضاء الاسرائيلي بمحاكمته وهو قائد سياسي ويجب إطلاقه في اطار اي مفاوضات تجري من اجل التوصل الى حل سياسي للقضية الفلسطينية". واستنكر بولص تصريحات روبنشتاين، مشيراً الى ان "الآليات الفنية لإطلاق البرغوثي متاحة اذا توافرت النية لدى اسرائيل للتقدم باتجاه عملية سلمية صحيحة". وكانت الاذاعة الاسرائيلية أشارت الى ان وزير الشؤون الامنية في الحكومة الفلسطينية محمد دحلان طالب الجانب الاسرائيلي ب"العفو" عن قادة فلسطينيين معتقلين او "مطلوبين" لدى اسرائيل. وقالت المصادر ذاتها ان دحلان طالب بإطلاق البرغوثي وأحد قادة جهاز الامن الوقائي الفلسطيني في قطاع غزة محسن ابو مطلق الذي اعتقلته اسرائيل اخيراً كما طالب بإسقاط اسرائيل اتهاماتها ضد مسؤول جهاز المخابرات الفلسطينية في الضفة الغربية توفيق الطيراوي ونائب مسؤول الامن الوقائي في غزة رشيد ابو شباك. وتمنع السلطات الاسرائيلية الاخيرين من التحرك واعلنت غير مرة انهما مطلوبان لديها "لضلوعهما في عمليات عسكرية". وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس اعلن غير مرة انه سيسعى الى الافراج عن جميع الاسرى الفلسطينيين وفي مقدمهم القادة السياسيون أمثال البرغوثي. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان مسألة الإفراج عن البرغوثي باتت "قضية وقت" مشيرة الى ان المسؤوليين الاسرائيليين يبحثون عن "تخريجة" ملائمة لهذا القرار سيما بعد التحريض الاعلامي والسياسي الذي تعرض له البرغوثي منذ اختطافه من رام الله قبل اكثر من عام. وتقول مصادر اسرائيلية ان اطلاق البرغوثي الذي يحظى بشعبية واسعة في صفوف حركة "فتح" من شأنه ان يساعد في جهود "التهدئة" وإقناع كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة "فتح" الذي شكل في ظل الانتفاضة بوقف عملياتها العسكرية ضد اهداف اسرائيلية خصوصاً في الضفة الغربية.