اعتبر رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون القاء القبض على أمين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية مروان البرغوثي "انجازاً مهماً جداً، وأحد أبرز انجازات عملية الجدار الواقي"، مضيفاً انه سيقدم للمحاكمة "لمسؤوليته عن عمليات قتل فظيعة لمئات الاسرائيليين". وهددت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس أمس باغتيال وزراء شارون وقادة جيشه رداً على اعتقال البرغوثي. وراح أقطاب حكومة شارون يهللون ويمجدون "اليد الطويلة" لاسرائيل ودفع الحماس بوزير القضاء مئير شيتريت الى الانزلاق الى درك غير مسبوق، حين هدد كبار المسؤولين الفلسطينيين بمصير مماثل، وقال بالعربية للاذاعة العبرية: "كل كلب بيجي يومه". وأضاف ان اسرائيل لن ترحم أحداً في حربها. ودعا وزير الأمن الداخلي عوزي لنداو الى محاكمة البرغوثي و"قذفه الى السجن حتى يتعفن هناك الى آخر يوم في حياته". ورأى النائب اليميني ميخائيل كلاينر وجوب تقديم البرغوثي الى محاكمة عسكرية "حيث يمكن للقضاة اصدار حكم بالاعدام". ودعا المسؤول الكبير في جهاز الاستخبارات سابقاً ايهود ياتوم المحققين مع البرغوثي الى اتباع "كل صنوف التعذيب" لإرغامه على الإدلاء بما لديه من معلومات "تورطه وتدينه كما تدين الرئيس عرفات". وتابع، وهو الذي سبق وقتل فلسطينيين مكبلي الأيدي قبل عشرين عاماً، ان البرغوثي كان بمثابة "قنبلة موقوتة"، وان قوات الاحتلال أحسنت حين فضلت إلقاء القبض عليه بدلاً من تصفيته نظراً الى "القيمة الاستخبارية" في اعتقاله. وشاركت وسائل الاعلام العبرية كافة في "نشوة الانتصار" وتبنت رواية الجيش حول عملية الاعتقال، وخرجت بعناوين كبيرة تقول "اصطياد السمكة الكبيرة" و"البرغوثي رفع يديه مستسلماً"، ونشرت تفاصيل العملية ومنها ان رفع الحصار عن رام الله لساعات مهد الطريق للاعتقال حين راقبت قوات الاحتلال الحارس الشخصي للبرغوثي الذي خرج ليتزود بالطعام والشراب، وان الاستخبارات راقبت احدى المكالمات الهاتفية للبرغوثي. وزادت ان قوات كبيرة من "وحدات النخبة" والقناصة قامت بتنفيذ العملية. ونقلت صحيفة "معاريف" عن شارون قوله انه كان يفضل "ان يحضروا له البرغوثي رماداً في وعاء على غرار النازي ادولف ايخمان الذي ألقي القبض عليه وحوكم وأعدم ونثر رماد جثته خارج المياه الاقليمية لاسرائيل". وكتب المعلق العسكري في "يديعوت احرونوت" اليكس فيشمان ان "هذا الانجاز العسكري الاعتقال يمنح القيادة السياسية في اسرائيل فرصة طي الاعلام والشعور بتحقيق الانجاز من دون ان يعتبر الانسحاب رضوخاً للضغط الاميركي المتعاظم". وزاد: "اذا اختار البرغوثي فتح فمه والكشف عن الأوامر التي تلقاها من عرفات وما هي صلة الأخير بعشرات ومئات العمليات التي قادها التنظيم فتح، فإن الكثير من الشخصيات الأوروبية والعربية المعتدلة ستصاب بالحرج". وقال ان "المعلومات الموثوقة" لدى البرغوثي حول الرئيس الفلسطيني هي التي جعلت منه المطلوب رقم واحد للجيش والاستخبارات. واعتبر زميله المعلق روني شيكد الاعتقال "نقطة اخرى بارزة في الحرب على الارهاب لكنه ليس النهاية"، مضيفاً ان الانتفاضة وحركة "فتح" تلقت ضربة مؤلمة "لكنها ليست قاتلة" محذراً من امكان رفع لهيب النيران والانتقام في المدى البعيد "ولكتائب شهداء الأقصى قيادة شابة يمكنها ان تصبح بعد اعتقال البرغوثي أقل مسؤولية واكثر انتقاماً". وتحدث سائر المعلقين عن "عمليات انتقامية" متوقعة واعتبر المعلق السياسي في "معاريف" الاعتقال "وجع رأس" لاسرائيل "فالبرغوثي رمز يمثل جميع الفلسطينيين وهو لا ينفي وجود اسرائيل، بل حتى انه شريك عتيد للمفاوضات. هذا في المستقبل، الآن هو رمز. رمز الشر وهذا الرمز تلقى ضربة مؤلمة ولكن الحرب لحماية بيتنا لم تنته بمجرد الاعتقال. وسيتضح لاحقاً ان اعتقال قائد فلسطيني مارق اسهل بكثير من التخلص منه". من جهة أخرى، أ ف ب، هددت "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري ل"حركة المقاومة الإسلامية" حماس امس شارون وحكومته وأركان جيشه ب"القتل والاغتيال" رداً على اعتقال البرغوثي. وقالت "حماس" في بيان تلقته "فرانس برس" في بيروت: "نقول لشارون وحكومته وأركان جيشه لقد فتحتم باب جهنم على أنفسكم باعتقال هذ القائد الوطني، وحولتم أنفسكم الى هدف مشروع للقتل والاغتيال". وحملت "كتائب عز الدين القسام" "المجرم شارون وحكومته كامل المسؤولية عن سلامة البرغوثي وسلامة كافة مجاهدينا المعتقلين في سجون العدو". كذلك حمل المجلس التشريعي الفلسطيني امس الحكومة الاسرائيلية المسؤولية الكاملة عن حياة البرغوثي، وهو أحد النواب في المجلس، مطالباً بإطلاقه فوراً اذ ان اعتقاله "خرق" لحصانته البرلمانية. وبعث النائب العربي في الكنيست الاسرائيلية الدكتور عزمي بشارة برسالة عاجلة الى وزير الدفاع الاسرائيلي مطالباً إياه ب"الإفراج الفوري عن المناضل مروان البرغوثي"، كما طالب بالسماح له بزيارة البرغوثي في معتقله. واكد بشارة انه يرى في مروان البرغوثي "قائداً سياسياً فلسطينياً منتخباً وعضو مجلس تشريعي، وان هذا الاعتقال هو اعتقال لقيادة فاعلة ضد الاحتلال الاسرائيلي واننا نحذر السلطة الاسرائيلية ومحققيها من أي مس به".