كشف وزيران بريطانيان سابقان أمس أن مصادر أمنية بريطانية أبلغتهما قبل الحرب على العراق أن الأسلحة التي يمتلكها صدام حسين، لا تشكل خطراً على بريطانيا. جاء ذلك في الشهادتين اللتين قدمهما روبن كوك وزير الخارجية وزير الشؤون البرلمانية السابق وكلير شورت وزيرة التنمية الدولية السابقة، في التحقيق الخاص في أسباب مشاركة بريطانيا في الحرب، أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البرلمان البريطاني. تحقق لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني التي تضم أعضاء من كل الأحزاب البريطانية في مزاعم بأن حكومة توني بلير بالغت في تقويم خطر أسلحة الدمار الشامل العراقية. وتبحث اللجنة في مزاعم بأن العراق كان قادراً على شن هجوم بهذه الأسلحة في غضون 45 دقيقة من صدور الأوامر، وساد جدل واسع في بريطانيا داخل البرلمان وخارجه، حول صحة هذا الادعاء. وكان كوك وكلير شورت استقالا من منصبيهما بسبب خلافات مع رئيس الوزراء حول ما إذا كان على بريطانيا مشاركة أميركا في الحرب، علماً أن الأول ترك منصب وزير الشؤون البرلمانية قبل نشوب الحرب، أما كلير شورت فاستقالت بعدها وفي أعقاب تردد طويل. وبدأت اللجنة تحقيقها الذي سيستمر أسبوعين على الأقل، وينتظر أن تستمع إلى شهادات أخرى لمسؤولين بريطانيين. وعلى رغم تأكيدات بلير المتعلقة بوجود أسلحة الدمار الشامل العراقية، لم يُعثر عليها بعد. ورفض رئيس الوزراء المثول أمام اللجنة البرلمانية، واقتدى به مدير الاتصالات في مقر رئاسة الوزراء ألستر كامبل، على رغم مزاعم بأنه تدخل في الملف الذي نشرته الحكومة البريطانية حول خطورة تلك الأسلحة في أيلول سبتمبر الماضي، كي تصبح الوثيقة أكثر اثارة. ورفضت حكومة بلير اجراء تحقيق شامل حول الأسلحة العراقية، بما في ذلك التلاعب بالملف، فيما نفى بلير أن تكون الحكومة بالغت في المعلومات الواردة في الملف. وستحقق لجنة برلمانية بريطانية أخرى في ملف الأسلحة، هي لجنة الاستخبارات والأمن في مجلس العموم، لكن بلير هو الذي عينها واجتماعاتها سرية، كما أعلن قبوله المثول أمامها. واتهم كوك الحكومة بأنها شاركت في الحرب معتمدة على "معلومات غير دقيقة وعلى تقارير للاستخبارات منتقاة لتخدم الغرض المطلوب منها". وقال خلال ادلائه بشهادته: "سجلت الحكومة هدفاً كبيراً في مرماها" بنشر الملف في أيلول. وسُئل هل معلومات الاستخبارات الواردة في الوثيقة تعرضت للتلاعب لتصبح أكثر اثارة، لدعم قرار المشاركة في الحرب، فأجاب: "كان هناك انتقاء للأدلة لدعم النتيجة". وأضاف انه اصيب ب"خيبة أمل" من نوع المعلومات الواردة في الملف، إذ لم يثبت وجود أي "معلومات حديثة أو مثيرة للازعاج" فيه، توضح أن العراق كان "يمثل خطراً كبيراً وجدياً". وأبلغ الوزير السابق اللجنة البرلمانية ان "غالبية الأوراق الواردة في الملف مستقاة من معلومات تعود إلى عام 1991". وأشار إلى أن الملف لم يتضمن أي معلومات تؤكد أن صدام حسين كانت لديه القدرة على انتاج أسلحة دمار شامل أو مادة السارين السامة. ورداً على سؤال لأحد أعضاء البرلمان هل طلب من الحكومة البريطانية ابداء رأيها قبل نشر الملف الثاني في كانون الثاني يناير الماضي، قال كوك إنه كان ينبغي الإقرار بأن هذه الوثيقة مستقاة من دراسة أكاديمية. وزاد انه كان من المستحيل بالنسبة إليه الدفاع عن استبدال كلمتي "جماعات معارضة" واحلال كلمة "إرهابيين". وتابع انه لم يستبعد إمكان العثور على مخزون قديم من المواد البيولوجية السامة أو العناصر الكيماوية في العراق، لكن ذلك لا يمثل أسلحة دمار شامل ولا يبرر الزعم بأن هذا البلد يمثل خطراً كبيراً. إلى ذلك، اعتبرت شورت في شهادتها أمام اللجنة أن بريطانيا التزمت مسبقاً شن الحرب على العراق قبل شهور من نشوبها، وأثناء محاولة الأممالمتحدة تسوية المشكلة. وأضافت: "اعتقد أن رئيس الوزراء قال للرئيس جورج بوش: سنقف إلى جانبك". وزادت انها رأت تقارير من جهاز الاستخبارات الخارجي "ام آي 6" تفيد أن العلماء العراقيين ما زالوا يعملون لتطوير برامج أسلحة كيماوية وبيولوجية، لكنها لا تدعم ادعاء الحكومة أن صدام جاهز لاستعمالها. هون في سيدني، أعرب جيف هون، وزير الدفاع البريطاني، أمس عن ثقته بالعثور على أسلحة الدمار الشامل العراقية، لكنه لم يحدد الوقت الذي سيستغرقه ذلك. وقال هون، الذي يزور استراليا، انه واثق بأن المفتشين سيعثرون على الأسلحة الكيماوية والبيولوجية التي اتخذت ذريعة لشن الحرب. وتابع، في لقاء مع الإذاعة الاسترالية: "ليس لدى الحكومة البريطانية وأجهزة الاستخبارات شك في أن صدام امتلك أسلحة دمار شامل". وأضاف: "ما نحن بحاجة إلى فعله هو تحديد مكان وجود الأسلحة التي أخفاها أثناء عمليات التفتيش الطويلة، وما علينا أن نفعله هو ان نخرج بأدلة محددة".