كثفت القوات الأميركية في العراق تحركاتها في إطار عملية "عقرب الصحراء"، لملاحقة أنصار النظام السابق، ونفذت أمس حملات دهم واسعة من بيت إلى بيت في بغداد، بعد تكريت وكركوك، واحتجزت حوالى أربعمئة عراقي. وفيما لمحت مصادر قريبة من وزارة الدفاع البريطانية إلى أن الوزارة قد تبقي قوات في العراق لمدة أربع سنوات، اتهم عبدالعزيز الحكيم عضو قيادة "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" أنصار نظام صدام حسين بالعمل ل"تخريب" البلد. وأكد في حديث إلى "الحياة" أن لدى المجلس وثائق تثبت ذلك، وقال: "لا نقر العمليات ضد الأميركيين" راجع ص2 و3 و4. في الوقت ذاته، جدد الرئيس جورج بوش أمس حملته على الذين يتهمون إدارته بتضخيم تقارير الاستخبارات عن أسلحة الدمار الشامل العراقية، وقال: "يكفي أن العراقيين الآن أحرار". وكرر الحديث عن "المؤرخين المشككين"، لافتاً إلى أن صدام "لم يعد يشكل تهديداً للعالم الحر". وقال الناطق باسم البيت الأبيض آري فلايشر إن الرئيس الأميركي ما زال يؤمن بوجود أسلحة دمار شامل في العراق. "التحقيق" البريطاني وفي لندن، شهدت "فضيحة" تضخيم "الخطر العراقي" لتبرير الحرب، بداية فصل جديد، واتهم روبن كوك وزير الخارجية وزير الشؤون البرلمانية السابق حكومة توني بلير بأنها شاركت في الحرب على العراق معتمدة على "معلومات غير دقيقة"، وعلى تقارير للاستخبارات "منتقاة لتخدم الغرض المطلوب منها". وقال في شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البرلمان التي تحقق في قضية تقويم خطر أسلحة الدمار الشامل العراقية: "كان هناك انتقاء للأدلة لدعم النتيجة". وأوضح أن الملف الذي أعدته الحكومة عن الأسلحة لم يتضمن أي معلومات تؤكد أن صدام كانت لديه القدرة على انتاج أسلحة دمار شامل، أو مادة السارين السامة. كما مثلت أمام اللجنة وزير التنمية الدولية البريطانية السابقة كلير شورت، وذكرت في شهادتها أن بلير قرر منذ أيلول سبتمبر جر بلاده إلى الحرب على العراق، و"لم يحدد الشروط التي تمكّن بريطانيا من أن تلعب دوراً يعدل موقف الولاياتالمتحدة". ووصفت الملفات التي أعدتها رئاسة الحكومة حول الأسلحة العراقية، بأنها "عمل رديء"، معربة عن اعتقادها بأن صدام "لم يكن يشكل خطراً مباشراً". في السياق ذاته، رأى كبير المفتشين الدوليين هانس بليكس أن الحرب لم تكن مقررة مسبقاً، وأنه كان بإمكان صدام تجنبها بإعلان أو اشارة ولو في اللحظة الأخيرة. القوات البريطانية إلى ذلك، نقلت صحيفة "ذي تايمز" اللندنية أمس عن مصادر مقربة من وزارة الدفاع، ان بريطانيا نشرت 17 ألف جندي في العراق، على أن يبقوا هناك سنة أو سنتين، لكنهم قد يبقون ضعف هذه المدة، في حال تزايد الهجمات على قوات "التحالف". ونسبت الصحيفة إلى الميجر جنرال فريدي فيغرس، القائد البريطاني المعين في المقر العسكري الأميركي في بغداد، ان قوات "التحالف" تخشى التورط بمهمات شرطة مماثلة لمهمات في البلقان، إلا إذا استطاعت اعتقال صدام حسين أو قتله، واثبات ان نظامه انتهى. لكن مصادر قريبة من وزير الدفاع جيف هون أكدت أن الوزير مصمم على تفادي التزام قواته بحالة تشبه ما حدث في البوسنة. وزادت ان على العراقيين "تولي مسؤولية أنفسهم". وفي برلين حذر وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني من خطر تحول الوضع في العراق إلى "أفغانستان أخرى"، مشيراً إلى أن "عدم كسب سلام سياسياً وعدم تخفيف معاناة الشعب العراقي، وتمكينه من ممارسة حقه في تقرير مصيره … يزيد خطر تحول كثيرين من الناس إلى الأعمال الإرهابية". المندوب العراقي على صعيد آخر، أبلغ مسؤول الخارجية العراقية الذي عينته الإدارة الأميركية في العراق، جامعة الدول العربية سحب كل اختصاصات المندوب العراقي السفير محسن خليل الذي يعد من القياديين في حزب "البعث". وسمت الخارجية في رسالة إلى الأمانة العامة المفوض لتمثيل العراق لدى الجامعة صفاء البياتي. وقالت مصادر عراقية إن "الخارجية أبلغت جميع المسؤولين العراقيين ضرورة العودة إلى العراق خلال 24 ساعة، ومن لا يستجيب يعتبر مفصولاً من عمله". ورفض خليل الانصياع لهذا القرار.